لميلها للشّهوات، فلم يكفّها عن اللّذّات ولم يمنعها من ارتكاب المحرمات.
قال الطيبي: العاجز الّذي غلبت عليه نفسه وقهرته فأعطاها ما تشتهيه، قوبل الكيّس بالعاجز!! والمقابل الحقيقي السّفيه؛ إيذانا بأنّ الكيّس هو القادر، والعاجز هو السّفيه.
(وتمنّى على الله الأمانيّ» ) - بتشديد الياء: جمع أمنية-؛ أي: فهو مع تقصيره في طاعة ربّه واتّباع شهوات نفسه لا يستعدّ ولا يعتذر ولا يرجع، بل يتمنى على الله العفو والجنّة، مع الإصرار وترك التوبة والاستغفار، فإذا قيل له: ارجع واستغفر، إلى متى هذا الانهماك والتّقصير؛ يقول: دعني، عفو الله واسع، وهو الغفور الرّحيم، ورحمته وسعت كل شيء!! وما درى هذا المسكين أنّ التّوغّل في المعاصي دليل على استدراج الله تعالى له، فالّذي ينبغي له أن يعدّ نفسه مقصّرا مستحقّا للهلاك والدّمار، لا أنّه يعد نفسه بالمغفرة والكرم، ويقول: فضل الله واسع! فإنّ ذلك تمنّ، فالشّارع أو عده بالعذاب، فكيف يعد نفسه بالمغفرة!؟
وإنّما ينبغي له الوعد بالمغفرة بعد أن يتوب، فيقول: لعلّ الله يقبل توبتي ويغفر لي، لأنّ هذا حينئذ من الترجّي، لا من التّمنّي! لأخذه في الأسباب، وسقط في رواية لفظ:«الأماني» ، وأصل الأمنية: ما يقدّره الإنسان في نفسه من منى إذا قدّر، ولذلك يطلق على الكذب، وعلى ما يتمنّى.
قال الحسن: إنّ قوما ألهتهم الأماني حتّى خرجوا من الدّنيا وما لهم حسنة، ويقول أحدهم: إنّي أحسن الظّنّ بربّي. وكذب؛ لو أحس الظّنّ لأحسن العمل!! وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ (٢٣)[فصلت] .
وقال سعيد بن جبير: الغرّة بالله: أن يتمادى الرّجل في المعصية، ويتمنّى على الله المغفرة.
قال العسكري: وفيه: ردّ على المرجئة وإثبات الوعيد. انتهى. وفيه: ذمّ