١٨٣- «الكيّس.. من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز.. من أتبع نفسه هواها، ...
وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصّباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحّتك لمرضك، ومن حياتك لموتك» . وهذه رواية البخاري كما في «الأربعين النّوويّة» .
وزاد أحمد، والنّسائي؛ أوّله:«اعبد الله كأنّك تراه» . ورواه التّرمذيّ بمثل رواية البخاري، إلّا أنّه قدّم جملة:«وإذا أصبحت» ، وقال: ومن حياتك قبل موتك، فإنّك لا تدري يا عبد الله! ما اسمك غدا!» . ورواه أبو داود وابن ماجه.
جعل نفسه مطيعة منقادة لأوامر ربّها، مجتنبة لنواهيه، فلازم الطّاعة وتجنّب المعصية.
(وعمل لما بعد الموت) قبل نزوله، ليصير على نور من ربه؛ فالموت عاقبة أمور الدّنيا، فالكيّس من أبصر العاقبة، والأحمق من عمي عنها وحجبته الشّهوات والغفلات، وعاجل الحاصل يشترك في درك ضرّه ونفعه جميع الحيوانات بالطّبع؛ وإنّما الشّأن في العمل للآجل!!
فجدير بمن الموت مصرعه، والتّراب مضجعه، ومنكر ونكير جليسه، والدّود أنيسه، والقبر مقرّه، وبطن الأرض مستقرّه، والقيامة موعده، والجنّة أو النّار مورده؛
ألايكون له فكر إلّا في الموت وما بعده، ولا ذكر إلّا له، ولا استعداد إلّا لأجله ولا تدبير إلّا فيه، ولا اهتمام إلّا به، ولا انتظار إلّا له، وحقيق أن يعدّ نفسه من الموتى ويراها في أهل القبور، فكل ما هو آت قريب، والبعيد ما ليس بات.
(والعاجز) - بمهملة وجيم وزاي-؛ من العجز؛ أي: المقصّر في الأمور، ورواه العسكري:«الفاجر» ؛ بالفاء والرّاء؛ من الفجور.
(من أتبع) - بسكون المثنّاة الفوقيّة- (نفسه هواها) ؛ أي: صيّرها تابعة