للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.........

البعض «أراد به: إلهامه علم ما لم يتعلّم من مزيد معرفة الله تعالى، وخدع النّفس والشّيطان، غرور الدّنيا وآفات العمل؛ من نحو عجب ورياء وكبر، ورياضة النّفس وتهذيبها، وتحمّل الصّبر على مرّ القضاء، والشّكر على النّعماء، والثّقة بما وعد، والتّوكّل عليه، وتحمّل أذى الخلق» .

وقد ثبت أنّ دقائق علوم الصّوفيّة منح إلهيّة، ومواهب اختصاصيّة؛ لا تنال بمعتاد الطلب.

فلزم مراعاة وجه تحصيل ذلك؛ وهو ثلاث:

الأوّل: العمل بما علم على قدر الاستطاعة.

الثّاني: اللجأ إلى الله تعالى على قدر الهمّة.

الثّالث: إطلاق النّظر في المعاني حال الرجوع لأهل السّنّة، ليحصل الفهم وينتفي الخطأ، ويتيسّر الفتح.

وقد أشار لذلك الجنيد بقوله: ما أخذنا التّصوّف عن القيل والقال، والمراء والجدال، بل عن الجوع والسّهر ولزوم الأعمال.

قال الغزالي: من انكشف له ولو الشيء اليسير؛ بطريق الإلهام والوقوع في القلب من حيث لا يدري؛ فقد صار عارفا بصحّة الطّريق، ومن لم ير ذلك من نفسه! فينبغي أن يؤمن به، فإنّ درجة المعرفة عزيزة جدا.

ويشهد لذلك شواهد الشّرع والتّجارب والوقائع، فكلّ حكم يظهر في القلب بالمواظبة على العبادة من غير تعلّم؛ فهو بطريق الكشف والإلهام.

وقال حجّة الإسلام: يتعيّن أن يكون أكثر الاهتمام بعلم الباطن، ومراقبة القلب، ومعرفة طريق الآخرة وسلوكه، وصدق الرّجاء في انكشاف ذلك من المجاهدة والمراقبة، فإنّ المجاهدة تقضي إلى المشاهدة، فجاهد تشاهد دقائق علم القلوب، وتنفجر منها ينابيع الحكمة من القلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>