قال: سمعته يقول: إذا اعتقدت النّفس على ترك الآثام جالت في الملكوت، وعادت إلى ذلك العبد بطرائف الحكمة؛ من غير أن يؤدي إليها عالم علما.
فقام أحمد وقعد «ثلاثا» ؛ وقال: ما سمعت في الإسلام بحكاية أعجب من هذه. ثمّ ذكر حديث «من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم» .
قال التّونسيّ: اجتمع العارف علي وفا والإمام البلقيني، فتكلّم عليّ معه بعلوم بهرت عقله. فقال البلقيني: من أين لك هذا؛ يا علي! قال: من قوله تعالى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ [٢٨٢/ البقرة] فأسكت. انتهى. من شروح «الجامع الصغير» .
والحديث ذكره في «كنوز الحقائق» ؛ مرموزا له برمز الطّبراني، وذكره في «الكشف» ، وقال: رواه أبو نعيم؛ عن أنس رضي الله عنه.
٢٣٨- ( «من غشّنا) - أي: لم ينصحنا وزيّن لنا غير المصلحة- (فليس منّا» ) أي: ليس على طريقتنا ومنهاجنا، لأن طريقتنا الزّهد في الدّنيا، والرّغبة عنها، وعدم الرّغبة والطّمع الباعثين على الغشّ.
قال الطّيبي: لم يرد نفيه عن الإسلام، بل نفي خلقه عن أخلاق المسلمين.
أي: ليس هو على سنّتنا وطريقتنا من مناصحة الإخوان، كما يقول الإنسان لصاحبه (أنا منك) يريد الموافقة والمتابعة، قال تعالى عن إبراهيم عليه السلام فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي [٣٦/ إبراهيم] .
وهذا قاله صلى الله عليه وسلم لمّا مرّ على صبرة طعام فأدخل يده فيها؛ فابتلّت أصابعه.
فقال:«ما هذا» ! قال: أصابته السماء. قال:«أفلا جعلته فوق الطّعام ليراه النّاس» ! فذكر الحديث.
رواه مسلم في «صحيحه» ؛ من حديث أبي هريرة بزيادة:«ومن حمل علينا السّلاح فليس منّا» . وفي رواية له أيضا:«من غشّ فليس منّي» .