الاحتقار والهوان فاحفظ لسانك منه، فإنّه يسقط المهابة، ويريق ماء الوجه، ويستجرّ الوحشة، ويؤذي القلوب، وهو مبدأ اللّجاج والغضب والتّضارب، ومغرس الحقد في القلوب، فإن مازحك غيرك! فأعرض عنهم حتّى يخوضوا في حديث غيره، وكن من الّذين إذا مرّوا باللّغو مروا كراما. انتهى.
وقال في الأذكار: المزاح المنهيّ عنه ما فيه إفراط ومداومة، فإنّه يورّث الضّحك والقسوة ويشغل عن الذّكر والفكر في مهمات الدّين؛ فيورّث الحقد، ويسقط المهابة والوقار، وما سلم من ذلك هو المباح الّذي كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يفعله، فإنّه إنّما كان يفعله نادرا لمصلحة، كموانسة وتطييب نفس المخاطب، وهذا لا منع منه قطعا، بل هو مستحبّ. انتهى.
والحديث ذكره في «الكنوز» مرموزا له برمز ابن عساكر، وذكره في «الجامع الصغير» مرموزا له برمز الدّيلمي، في «مسند الفردوس» ؛ عن أنس رضي الله عنه؛ لكن بلفظ:«الصّمت سيّد الأخلاق، ومن مزح استخفّ به» .
قال المناوي: وتمامه «ومن حمل الأمر على القضاء استراح» . انتهى.
وفي كتاب «كشف الخفا» للعجلوني: الصّواب أنّه من قول عمر، وأنّ الأحنف قال: قال لي عمر: يا أحنف؛ من كثر ضحكه قلّت هيبته، ومن مزح استخفّ به، ومن أكثر من شيء عرف به، ومن كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قلّ ورعه مات قلبه.
ورواه ابن عساكر وقال: غريب الإسناد والمتن عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: «من كثر ضحكه استخفّ بحقّه، ومن كثرت دعابته ذهبت جلالته، ومن كثر مزاحه ذهب وقاره، ومن شرب الماء على الرّيق ذهب بنصف قوّته، ومن كثر كلامه كثرت خطاياه، ومن كثرت خطاياه فالنّار أولى به» . انتهى.