للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عذّب» .

الخافض، أي: من ضويق في حسابه بحيث سئل عن كل شيء؛ فاستقصي في حسابه حتّى لم يترك منه شيء من الكبائر ولا من الصّغائر إلّا وأوخذ به (عذّب» ) بضمّ أوّله وكسر الذّال المعجمة- أي: تكون تلك المضايقة عذابا، لما فيها من التّوبيخ، أو إنها سبب يفضي إلى العذاب، لأنّ التّقصير غالب على العباد، فمن استقصي عليه ولم يسامح هلك وعذب؛ أي: ومن لم يناقش الحساب لا يعذب، بل يحاسب حسابا يسيرا، أو لا يحاسب أصلا.

قال الحكيم التّرمذي: يحاسب المؤمن في القبر ليكون أهون عليه في الموقف فيمحّص في البرزخ؛ فيخرج وقد اقتصّ منه. انتهى مناوي وحفني على «الجامع» .

والحديث أخرجه البخاري ومسلم، وأبو داود والتّرمذي؛ عن عائشة رضي الله تعالى عنها وتمامه: قالت عائشة: فقلت أليس يقول الله فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً (٨) [الانشقاق] ؛ أي: سهلا هيّنا بأن يجازى على الحسنات الّتي صدرت منه في حياته، ويتجاوز عن سيئاته!؟ قال: «ذلك- بكسر الكاف- العرض» - بفتح العين المهملة وسكون الرّاء- أي: عرض أعمال المؤمن عليه حتى يعرف منّة الله تعالى عليه في سترها عليه عن النّاس في الدّنيا، وفي عفوه عنها في الآخرة، فله الحمد على منّته على عباده المؤمنين وإتحافهم بسعادتهم في الدّارين.

وللإمام أحمد من وجه آخر؛ عن عائشة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بعض صلاته «اللهمّ حاسبني حسابا يسيرا» فلما انصرف قلت: يا رسول الله؛ ما الحساب اليسير؟! قال: «أن ينظر في كتابه فيتجاوز له عنه، إنّ من نوقش الحساب يا عائشة يومئذ هلك» انتهى.

فعائشة رضي الله عنها فهمت أنّ الحديث معارض للآية!! لأنّ «من» من صيغ العموم، فظنّت أنّ كلّ من حوسب معذّب؛ مع أنّ ظاهر قوله تعالى فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً (٨) [الانشقاق] دالّ على أنّ الحساب لا يستلزم العذاب فأزال صلى الله عليه وسلم الإشكال

<<  <  ج: ص:  >  >>