عنها بقوله «ذلك العرض» ، فاقتنعت، مع أنّها رضي الله عنها لو تأمّلت في قوله «من نوقش الحساب» لعلمت أنّ هذا الحديث لا يعارض قوله تعالى فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً (٨)[الانشقاق] ، لأن الآية خاصّة بمن أوتي كتابه بيمينه دون غيره، فلذلك وصف تعالى حسابه بكونه حسابا يسيرا، والحساب غير المناقشة، بل هو العرض الّذي تقدّم معناه، ولذلك أجابها النّبي صلى الله عليه وسلم بقوله «ذلك العرض» ، هذا ما تبادر للذّهن.
قال شيخ مشايخنا في «زاد المسلم في ما اتفق عليه البخاري ومسلم» قال:
وبنحوه ساق الأبّي كيفيّة جوابه صلى الله عليه وسلم لها على مقتضى القواعد المنطقيّة حيث قال في شرح هذا الحديث: فهمت رضي الله عنها أنّ الحديث معارض للآية، لأنّ الحديث في قوّة موجبة كلية؛ أي: كلّ من نوقش الحساب عذّب، والآية في قوة سالبة جزئية، أي: تعطي أنّ من يحاسب ليس بمعذّب.
وحاصل جوابه: أنّه لم يتّحد الموضوع، لأنّه في الكلّيّة من نوقش. وفي الجزئيّة من حوسب، والمناقشة غير المحاسبة. انتهى.
٢٤٦- ( «منهومان) تثنية منهوم، وهو: شديد الشّهوة المنكبّ على الشّيء طلبا لحيازته (لا يشبعان) ، لعدم انتهاء حرصهما وهما:(طالب علم، وطالب دنيا) . فمن كان شديد الشّهوة لجمع المال أو طلب العلم لا يشبع من ذلك، إذ ليس للعلم غاية ينتهي إليها، ولا للمال غاية ينتهي إليها فلهذا لا يشبعان.
قال بعضهم: ما استكثر أحد من شيء إلّا ملّه وثقل عليه إلّا العلم والمال، فإنّه كلما زاد اشتهى له، ولكنهما لا يستويان، أمّا صاحب الدّنيا فيتمادى في الطّغيان، وأمّا صاحب العلم فيزداد من رضا الرّحمن. انتهى شروح «الجامع الصغير» .
والحديث ذكره في «كشف الخفا» وقال: رواه الطّبراني في «الكبير» والقضاعي؛ عن ابن مسعود رفعه.