للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.........

أضعافه، لكنّه جازاه بنيّته، لأنّه كان ناويا أن يطيع الله أبدا، فلمّا اخترمته المنيّة جوزي بنيّته.

وكذا الكافر لأنّه لو جوزي بعمله لم يستحقّ التّخليد في النّار إلا بقدر مدة كفره، لكن جازاه بنيّته لأنّه نوى الإقامة على كفره أبدا؛ فجوزي بنيّته. ذكره بعضهم.

ولأن النيّة بانفرادها توصل إلى ما لا يوصله العمل بانفراده، ولأنها هي الّتي تقلب العمل الصّالح فاسدا؛ والفاسد صالحا مثابا عليه، ويثاب عليها أضعاف ما يثاب على العمل، ويعاقب عليها أضعاف ما يعاقب عليه، فكانت أبلغ وأنفع.

ومن النّاس من تكون نيّته وهمّته أجلّ من الدّنيا وما عليها، وآخر نيّته وهمّته من أحسن نيّة وهمّة، فالنيّة تبلغ بصاحبها في الخير والشّرّ ما لا يبلغه عمله، فأين نيّة من طلب العلم وعلّمه ليصلّي الله عليه وملائكته، وتستغفر له دوابّ البرّ، وحيتان البحر، إلى نيّة من طلبه لمأكل، أو وظيفة كتدريس!!

وسبحان الله كم بين من يريد بعلمه وجه الله، والنّظر إليه، وسماع كلامه، وتسليمه عليه في جنّة عدن؛ وبين من يطلب حظّا خسيسا، كتدريس أو غيره من العرض الفاني!! انتهى مناوي على «الجامع» .

والحديث ذكره في «كشف الخفا» وقال: رواه العسكري في «الأمثال» ، والبيهقي؛ عن أنس مرفوعا، قال الحافظ ابن دحية: لا يصحّ، والبيهقيّ: إسناده ضعيف.

وله شواهد؛ منها ما أخرجه الطّبراني؛ عن سهل بن سعد السّاعدي مرفوعا:

«نيّة المؤمن خير من عمله، وعمل المنافق خير من نيّته، وكلّ عمل يعمل على نيّته، فإذا عمل المؤمن عملا نار في قلبه نور» .

وللعسكري بسند ضعيف؛ عن النّوّاس بن سمعان بلفظ: «نيّة المؤمن خير من عمله، ونيّة الفاجر شرّ من عمله» .

<<  <  ج: ص:  >  >>