المناسب هنا. وقيل: إنها لنفي مضمونها في الماضي، وعليه فتكون حالا ماضية قصد دوام نفيها (البائن) - بالهمز- ووهم من جعله بالياء لوجوب إعلال اسم الفاعل؛ إذا أعل فعله، كبائع وقائل. وهو إمّا من «بان يبين بيانا» ؛ إذا ظهر على غيره، وعليه فهو بمعنى الظاهر طوله. أو من «بان يبون بونا» ؛ إذا بعد، وعليه فهو بمعنى البعيد عن حدّ الاعتدال، ويصحّ أن يكون من البين؛ وهو القطع، لأن من رأى فاحش الطول تصوّر أنّ كلّا من أعضائه مبان عن الآخر. انتهى «مناوي» .
(ولا) عطف على خبر «ليس» ولا مؤكّدة للنفي، (بالقصير) - أي- المتردّد الداخل بعضه في بعض- كما سيأتي-. والمعنى أنّه كان متوسّطا بين الطول والقصر، لا زائد الطول ولا القصر.
وفي نفي أصل القصر ونفي الطول البائن لا أصل الطول إشعار بأنه صلّى الله عليه وسلم كان مربوعا؛ مائلا إلى الطول، وأنّه كان إلى الطول أقرب؛ كما رواه البيهقي.
ولا ينافيه وصفه الآتي بأنه ربعة!! لأنه أمر نسبي، ويوافقه خبر البراء: كان ربعة؛ وهو إلى الطول أقرب. وقد ورد عند البيهقي؛ وابن عساكر أنّه صلّى الله عليه وسلم لم يكن يماشيه أحد من الناس إلّا طاله صلى الله عليه وسلم، ولربّما اكتنفه الرجلان الطويلان فيطولهما، فإذا فارقاه نسب إلى الرّبعة. وفي «خصائص ابن سبع» : كان إذا جلس يكون كتفه أعلى من الجالس. قيل: ولعل السرّ في ذلك أنّه لا يتطاول عليه أحد صورة، كما لا يتطاول عليه معنى.
(ولا) - عطف على خبر «ليس» ولا مؤكّدة للنفي- (بالأبيض الأمهق) ؛ أي: الشديد البياض الخالي عن الحمرة والنّور؛ كالجص؛ وهو كريه المنظر ربّما توهّمه الناظر أبرص، بل كان بياضه نيّرا مشرّبا بحمرة؛ كما في روايات أخر؛ منها أنّه كان أزهر اللون. فالنفي للقيد فقط.
واعلم أنّ أشرف الألوان في هذه الدار البياض المشرّب بالحمرة، وفي الآخرة البياض المشرّب بصفرة.