ولا يجوز الرّفع فتكون «حتّى» عاطفة!! لفساد المعنى، إذ عدم الإيمان ليس سببا للمحبّة. ذكره الكرماني- (لأخيه) - المسلم كما زاده في رواية الإسماعيلي ولعلّه غالبي، فالمسلم ينبغي حبّه للكافر الإسلام، وما يترتب عليه من خير وأجر- (ما يحبّ لنفسه» ) من الخير؛ كما في رواية النّسائي وابن منده والإسماعيلي والقضاعي، والمراد أن يحبّ لأخيه من الخير نظير ما حصل له من جهة لا يزاحمه فيها.
وليس المراد أن يحصل لأخيه ما حصل له مع سلبه عنه، ولا مع بقائه بعينه؛ إذ قيام الجوهر أو العرض بمحلّين محال، قال الكرماني: ومن الإيمان أيضا أن يبغض لأخيه ما يبغض لنفسه من الشّر، ولم يذكره! لأنّ حبّ الشّيء مستلزم لبغض نقيضه، فترك النصّ عليه اكتفاء. انتهى.
وذلك ليكون المؤمنون كنفس واحدة، ومقصود الحديث انتظام أحوال المعاش والمعاد، والجري على قانون السّداد وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا [١٠٣/ آل عمران] وعماد ذلك كلّه وأساسه السّلامة من الأدواء القلبيّة، فالحاسد يكره أن يفوقه أحد، أو يساويه في شيء، والإيمان يقتضي المشاركة في كل خير؛ من غير أن ينقص على أحد من نصيب أحد شيء.
نعم؛ ومن كمال الإيمان تمنّي مثل فضائله الآخروية الّتي فاقه فيها غيره.
وقوله وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ [٣٢/ النساء] نهي عن الحسد المذموم، فإذا فاقه أحد في فضل ديني اجتهد في لحاقه، وحزن على تقصيره، لا حسدا؛ بل منافسة في الخير، وغبطة. انتهى «مناوي وزرقاني» .
قال ابن أبي زيد القيرواني المالكي: جماع آداب الخير تتفرع من أربعة أحاديث «لا يؤمن أحدكم حتّى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه» ، وحديث «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت» ، وحديث «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» ، وقوله للذي اختصر له في الوصية «لا تغضب» . انتهى عزيزي ك «شرح مسلم» .