الوقوع في الحرام، ويسمّى هذا ورع المتّقين. وهذه الدرجة الثانية من درجات الورع.
قال عمر: كنّا ندع تسعة أعشار الحلال خوف الوقوع في الحرام.
وكان بعضهم يأخذ ما يأخذ بنقصان حبّة، ويعطي ما عليه بزيادة حبّة. ولذلك أخذ عمر بن عبد العزيز بأنفه «١» من ريح المسك الذي لبيت المال، وقال: هل ينتفع إلّا بريحه!!
ومن ذلك ترك النّظر إلى تجمّل أهل الدنيا، فإنّه يحرّك داعية الرّغبة فيها. انتهى «عزيزي» .
والحديث ذكره في «الجامع» بلفظ: «لا يبلغ العبد أن يكون من المتّقين حتّى يدع ما لا بأس به حذرا ممّا به بأس» ورمز له برمز التّرمذي وابن ماجه والحاكم كلهم؛ عن عطية بن عروة السّعدي رضي الله تعالى عنه، وقال التّرمذي: حسن غريب. انتهى بزيادة من المناوي.
٢٩٠- ( «لا يؤمن أحدكم) إيمانا كاملا؛ فالمراد بنفيه هنا نفي بلوغ حقيقته ونهايته، كخبر «لا يزني الزّاني حين يزني وهو مؤمن» ونفي اسم الشيء على معنى نفي الكمال مستفيض في كلامهم، كقولهم: فلان ليس بإنسان. ولا يرد استلزامه أنّ فاعل ذلك يكمل إيمانه؛ وإن ترك بقيّة الأركان!! لأنّ هذا ورد مورد المبالغة، ويستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم لأخيه المسلم ملاحظة بقية صفات المسلم. وصرّح في رواية ابن حبّان بالمراد، ولفظ «لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان» إذ معنى الحقيقة الكمال ضرورة إن من لم يتّصف بهذه الصّفة لا يكون كافرا.
(حتّى يحبّ) - بالنّصب، لأنّ «حتّى» جارّة و «أن» بعدها مضمرة،