للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما جئت به» .)

تَشاءُ [٥١/ الأحزاب] قالت للنبيّ صلى الله عليه وسلم: ما أرى ربك إلّا يسارع في هواك، وقول عمر رضي الله عنه- في قصة المشاورة في أسارى بدر- «فهوي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قاله أبو بكر ولم يهو ما قلت» ؛

فتبيّن أنّ للهوى ثلاث إطلاقات: ١- الميل إلى خلاف الحقّ، وهو الغالب.

و٢- مطلق الميل الشّامل للحقّ وغيره. و ٣- الميل إلى الحقّ خاصّة.

وهذا كلّه في المقصور؛ أمّا الممدود [الهواء] فهو الجرم الّذي بين السماء والأرض، وكلّ متجوّف، وجمعه أهوية.

(تبعا لما جئت به» ) من هذه الشّريعة المطهّرة الكاملة، بأن يميل قلبه وطبعه إليه؛ كميله لمحبوباته الدنيويّة الّتي جبل على الميل إليها من غير مجاهدة وتصبّر، بل يهواها كما يهوى المحبوبات المشتهيات، إذ من أحبّ شيئا أتبعه هواه، ومال عن غيره إليه، ومن ثمّ آثر التعبير بذلك، على نحو «حتّى يأتمر بكلّ ما جئت به» لأنّ المأمور بالشيء قد يفعله اضطرارا. انتهى؛ من شرح ابن حجر الهيتمي على «الأربعين النووية» .

وقال الإمام النّووي رحمه الله تعالى: يعني أنّ الشّخص يجب عليه أن يعرض عمله على الكتاب والسنّة، ويخالف هواه، ويتّبع ما جاء به النّبي صلى الله عليه وسلم، وهذا نظير قوله تعالى وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [٣٦/ الأحزاب] فليس لأحد مع الله عزّ وجلّ ورسوله صلى الله عليه وسلم أمر ولا هوى.

وعن إبراهيم بن محمد الكوفيّ قال: رأيت الشّافعي بمكة يفتي النّاس ورأيت إسحاق بن راهواه وأحمد ابن حنبل حاضرين، فقال أحمد لإسحاق: تعال حتّى أريك رجلا لم تر عيناك مثله، فقال له إسحاق: لم تر عيناي مثله!! قال: نعم.

فجاء به فوقفه على الشّافعي.

فذكر القصة إلى أن قال: ثمّ تقدّم إسحاق إلى مجلس الشّافعي فسأله عن كراء

<<  <  ج: ص:  >  >>