قال ابن حجر: كتاب «الحجّة في اتباع المحجّة» في عقيدة أهل السنّة لتضمّنه ذكر أصول الدّين على قواعد أهل الحديث، وهو كتاب جيد نافع وقدره ك «التنبيه» مرة ونصفا تقريبا، ومؤلفه هو العلامة أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني الحافظ؛ كذا قاله بعضهم! وخالفه غيره؛ فقال: إنّه أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي الشّافعي، الفقيه الزاهد نزيل دمشق. انتهى.
قال بعضهم: ورواه محيي السّنّة في «المصابيح» و «شرح السنة» . انتهى.
قال ابن حجر: وهو على وجازته واختصاره يجمع ما في هذه «الأربعين» وغيرها؛ من دواوين السّنّة، وبيانه أنّه صلى الله عليه وسلم إنّما جاء بالحقّ وصدّق المرسلين، وهذا الحقّ إن فسّر بالدّين شمل الإيمان والإسلام والنّصح لله ورسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامّتهم، والاستقامة، وهذه أمور جامعة لا يبقى بعدها إلّا تفاصيلها، أو بالتّقوى فهي مشتملة على ما ذكرناه أيضا، فإذا كان كذلك؛ كان هوى الإنسان تبعا لما جاء به النّبيّ صلى الله عليه وسلم من الدّين والتّقوى.
وعلم من الحديث أنّ من كان هواه تابعا لجميع ما جاء به النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان مؤمنا كاملا، وضدّه؛ وهو من أعرض عن جميع ما جاء به النّبيّ صلى الله عليه وسلم- ومنه الإيمان- فهو الكافر؛ وأما من اتبع البعض؛ فإن كان ما اتّبعه أصل الدّين؛ وهو الإيمان، وترك ما سواه؛ فهو الفاسق، وعكسه المنافق، واستمداد الحديث من قوله تعالى فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ
[٦٥/ النساء] ... الآية، إذ فيها غاية التعظيم لحقّه صلى الله عليه وسلم والتأدّب معه، ووجوب محبّته واتّباعه فيما يأمر به من غير توقّف؛ ولا تلعثم، ومن ثمّ لم يكتف بالتّحكيم، بل عقّبه بقوله ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ ولم يكتف بهذا أيضا، بل زاد التأكيد بقوله وَيُسَلِّمُوا [٦٥/ النساء] ، ولم يكتف به أيضا، بل زاد فيه فأتى بالمصدر الرافع لاحتمال التجوّز؛ فقال تَسْلِيماً (٦٥)[النساء] ، وبهذا التسليم تكون النّفس مطمئنّة لحكمه، منشرحة به، لا توقف عندها فيه بوجه. انتهى.