وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رجلا مربوعا، بعيد ما بين المنكبين، عظيم الجمّة ...
(و) في «الشمائل الترمذية» ؛ عن البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه:
(كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم رجلا) - بفتح الراء وكسر الجيم- وهو: الذي بين الجعودة والسّبوطة؛ قاله الأصمعيّ وغيره: ووقع في الروايات المعتمدة بضم الجيم!! فيحتمل أن يكون المراد به المعنى المتبادر المتعارف الذي يراد بلفظ الرجل؛ وهو المقابل للمرأة، ومعناه واضح، وهو خبر موطّىء، لأن الخبر في الحقيقة قوله (مربوعا) إذ هو يفيد الفائدة المعتدّ بها، كقوله تعالى (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ)(١٣)[الحشر] ، (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ)(٥٥)[النمل] .
والمربوع يرادف الرّبعة؛ وهو: المتوسط بين الطويل والقصير. وهذا تقريب؛ لا تحديد، فلا ينافي أنّه كان يضرب إلى الطول؛ كما في خبر ابن أبي هالة الآتي: كان أطول من المربوع؛ وأقصر من المشذّب.
(بعيد ما بين المنكبين) ، روي بالتكبير، و [بعيد] بالتصغير، و «ما» موصولة، أو موصوفة، لا زائدة؛ كما زعمه بعضهم. والمنكبان- تثنية منكب- وهو:
مجمع العضد والكتف، والمراد بكونه بعيد ما بين المنكبين: أنّه عريض أعلى الظهر، ويلزمه أنّه عريض الصدر، ومن ثمّ جاء في رواية:«رحب الصدر» ، وذلك آية النّجابة، وفي رواية التصغير إشارة إلى تقليل البعد؛ إيماء إلى أن بعد ما بين منكبيه لم يكن منافيا للاعتدال.
والجمّة عند جمهور أهل اللغة: ما سقط من شعر الرأس إلى المنكبين. وأما الوفرة!! فهي: التي تصل إلى شحمة الأذن، وأما ما نزل عن الأذنين؛ ولم يصل إلى المنكبين!! فهو اللّمّة، وعلى هذا قول من قال:
الوفرة الشّعر لشحمة الأذن ... وجمّة إن هي لمنكب تكن