للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضي الله تعالى عنه قال: كنت عند النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وجاءت الأعراب، فقالوا: يا رسول الله؛ أنتداوى؟ قال: «نعم؛ يا عباد الله، تداووا، فإنّ الله عزّ وجلّ لم يضع داء.. إلّا وضع له شفاء، غير داء واحد» ، قالوا: وما هو؟ قال: «الهرم» .

وفي لفظ: ...

(رضي الله تعالى عنه قال: كنت عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم وجاءت الأعراب) : سكّان البادية (فقالوا: يا رسول الله؛ أنتداوى؟ قال: «نعم، يا عباد الله، تداووا) وصفهم بالعبودية إيذانا بأنّ التّداوي لا يخرجهم عن التّوكل الّذي هو من شرطها، أي: تداووا؛ ولا تعتمدوا في الشّفاء على التّداوي؛ بل كونوا عباد الله؛ متوكّلين عليه- (فإنّ الله عزّ وجلّ لم يضع داء إلّا وضع له شفاء) وهو سبحانه لو شاء لم يخلق داء، وإذ خلقه لو شاء لم يخلق له دواء، وإذ خلقه لو شاء لم يأذن في استعماله! لكنّه أذن، فمن تداوى فعليه أن يعتقد حقّا، ويوقن يقينا، بأنّ الدّواء لا يحدث شفاء، ولا يولده، كما أنّ الدّاء لا يحدث سقما ولا يولّده، لكن الباري سبحانه يخلق الموجودات واحدا عقب آخر على ترتيب هو أعلم بحكمته (غير داء واحد!!» ) قال أبو البقاء: لا يجوز في غير هنا إلا النّصب على الاستثناء من داء؛ قاله الزّرقاني على «المواهب» .

(قالوا: وما هو؟ قال: «الهرم» ) - بفتحتين، أي: الكبر-.

(وفي لفظ) «إلّا السّام» ، وهو- بمهملة مخفّفا- الموت. يعني: إلّا داء الموت. أي: المرض الذي قدّر على صاحبه الموت فيه.

واستثناء الهرم في الرّواية الأولى!! إمّا لأنّه جعله شبيها بداء الموت، وداء الموت لا دواء له؛ فكذا الهرم، لمشابهته له في نقص الصّحة، أو لقربه من الموت؛ وإفضائه إليه. لأن الموت يعقبه كما يعقب الدّاء.

ويحتمل أن يكون الاستثناء منقطعا.

والمعنى: لكنّ الهرم لا دواء له؛ فلا ينجع فيه التّداوي. انتهى «زرقاني» .

<<  <  ج: ص:  >  >>