للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لسبقته العين» .

فرض أنّ لشيء قوّة بحيث يسبق القدر (لسبقته العين) لكنّها لا تسبق القدر، فكيف غيرها؟! فإنه تعالى قدّر المقادير قبل أن يخلق الخلق بخمسين ألف سنة.

قال القرطبي: «فلو» . مبالغة في تحقيق إصابة العين، جرى مجرى التّمثيل، إذ لا يردّ القدر شيء، فإنّه عبارة عن سابق علم الله ونفوذ مشيئته، ولا رادّ لأمره ولا معقّب لحكمه، فهو كقولهم: لأطلبنّك؛ ولو تحت الثّرى، ولو صعدت السّماء؟!.

قال المازري: وقد أخذ الجمهور بظاهر الحديث من تأثيرها بإرادة الله وخلقه، وأنكره طوائف من المبتدعة لغير معنى، لأنّ كلّ شيء ليس محالا في نفسه، ولا يؤدّي إلى قلب حقيقة ولا إفساد دليل!! فهو من مجوّزات العقول، وكلّ ما جوّزته وأخبر الشّارع بوقوعه وجب قبوله والأخذ بظاهره؛ ولم يكن لإنكاره معنى سوى العناد والمكابرة. وهل من فرق بين إنكارهم إصابة العين؛ وبين إنكارهم ما يخبر به من أمور الآخرة!؟

وقد اشتكى بعض النّاس هذه الإصابة؛ فقال: كيف تعمل العين من بعد، حتّى يحصل الضّرر للمعيون؟

وأجيب: بأنّ طبائع النّاس تختلف، فقد يكون ذلك من سمّ يصل من عين العائن في الهواء إلى بدن المعيون؛ فيحصل الضّرر بتقدير الله. وقد نقل عن بعض من كان معيانا، أنّه قال: إذا رأيت شيئا يعجبني وجدت حرارة تخرج من عيني!!

ويقرّب ذلك: بالمرأة الحائض تضع يدها في إناء اللّبن فيفسد!! ولو وضعتها بعد طهرها لا يفسد!!

وكذا تدخل البستان، فتضرّ بكثير من الغروس من غير أن تمسّها!

ومن ذلك: أنّ الصّحيح قد ينظر إلى العين الرّمداء فيرمد!!.

قال المازري: وزعم بعض الطّبائعييّن أنّ العائن ينبعث من عينه قوة سمّيّة تتّصل

<<  <  ج: ص:  >  >>