بالمعيون؛ فيهلك أو يفسد جسمه أو عقله، وهو كإصابة السّمّ من نظر الأفعى.
وأشار المازري إلى منع الحصر في ذلك. أي: خروج سمّيّة من عين العائن، مع تجويز المازريّ خروجها؛ لا على سبيل القطع.
وإنّ الّذي يتمشّى على طريقة أهل السّنّة: أنّ العين إنّما تضرّ عند نظر العائن، بعادة أجراها الله تعالى أن يحدث الضّرر عند مقابلة شخص آخر.
وهل ثمّ جواهر خفيّة تخرج من العين أو لا؟! هو أمر محتمل؛ لا يقطع بإثباته ولا نفيه، إذ لا مستند لذلك.
ومن قال ممّن ينتمي إلى الإسلام من أصحاب الطّبائع بالقطع؛ بأنّ ثمّ جواهر لطيفة غير مرئيّة تنبعث من العائن فتتّصل بالمعيون؛ وتتخلّل مسامّ جسمه، فيخلق الباري الهلاك عندها؛ كما يخلق الهلاك عند شرب السّمّ!! فقد أخطأ بدعوى القطع، إذ لا دليل عليه، ولكنّه جائز أن يكون عادة ليس ضرورة؛ ولا طبيعة.
انتهى كلام المازري. وهو كلام سديد لموافقته مذهب أهل السّنّة.
وليس المراد بالتّأثير المعنى الذي يذهب إليه الفلاسفة من أنّ إصابة العين صادرة عن تأثير النّفس بقوّتها فيه، فأوّل ما تؤثّر في نفسها؛ ثمّ تؤثّر في غيرها!!.
بل المراد ما أجرى الله به العادة من حصول الضّرر للمعيون بخلق الله تعالى.
وقد أخرج البزّار، والبخاريّ في «التّاريخ» والطّيالسي، والحكيم التّرمذي بسند حسن، وصحّحه «الضّياء» - عن جابر رفعه «أكثر من يموت من أمّتي بعد قضاء الله وقدره بالنّفس» . قال الرّاوي: يعني بالعين. وقد أجرى الله العادة بوجود كثير من القوى والخواصّ في الأجسام والأرواح؛ كما يحدث لمن ينظر إليه من يحتشمه من الخجل؛ فيرى في وجهه حمرة شديدة لم تكن قبل ذلك! وكذلك الاصفرار عند رؤية من يخافه، وكثير من النّاس يسقم بمجرّد النّظر إليه؛ وتضعف قواه.