ولا من شكّ فيها، أو فعلها مجرّبا غير معتقد، وإذا كان في الطّبيعة خواصّ لا يعرف الأطبّاء عللها؛ بل هي عندهم خارجة عن القياس وإنما تفعل بالخاصيّة؛ فما الّذي ينكره جهلتهم من الخواصّ الشرعيّة؟ هذا مع أنّ في المعالجة بالاغتسال مناسبة لا تأباها العقول الصّحيحة، فهذا ترياق سمّ الحيّة يؤخذ من لحمها! وهذا علاج النّفس الغضبيّة، بوضع اليد على بدن الغضبان، فيسكن! فكان أثر تلك العين، كشعلة نار، وقعت على جسد ففي الاغتسال إطفاء لتلك الشّعلة.
ثمّ لمّا كانت هذه الكيفيّة الخبيثة تظهر في المواضع الرّقيقة من الجسد لشدّة النّفوذ فيها ولا شيء أرقّ من المغابن؛ فكان في غسلها إبطال لعملها.
ولا سيّما أن للأرواح الشّيطانيّة في تلك المواضع اختصاصا.
وفيه أمر آخر: وهو وصول أثر الغسل إلى القلب، من أرق المواضع وأسرعها نفاذا، فتطفأ تلك النّار التي أثارتها العين بهذا الماء؛ فيشفى المعين. انتهى.
وقال ابن القيّم أيضا: والغرض العلاج النّبويّ الوارد في الأحاديث؛ من الرّقى بالأدعية، ونحوها لعلّة الإصابة بالعين.
فمن التّعوّذات والرّقى الإكثار من قراءة المعوّذتين، لحديث عائشة السّابق:
كان إذا اشتكى، يقرأ على نفسه بالمعوّذات وينفث. ولحديثها أيضا: كان صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه كلّ ليلة جمع كفّيه؛ ثمّ نفث فيها، ثمّ يقرأ:«قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» ، و «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ» ، و «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ» ، ثمّ مسح بهما ما استطاع من جسده؛ يفعل ذلك ثلاث مرات. رواه البخاري.
ومنها الإكثار من قراءة «الفاتحة» ؛ لحديث «الصحيحين» في الّذي رقى اللّذيغ بالفاتحة؛ فقال صلى الله عليه وسلم:«وما أدراك أنّها رقية» ؟.
وروى البيهقيّ في «الشّعب» ؛ عن جابر رفعه:«ألا أخبرك بخير سورة نزلت في القرآن؟» قلت: بلى. قال:«فاتحة الكتاب» . قال راويه: وأحسبه قال «فيها شفاء من كلّ داء» .