«توفّي ضحى» : أنّه فارق الدّنيا، وخرجت نفسه الشّريفة في وقت الضّحى، والمراد بكونه توفّي في آخر اليوم أنّه تحقّق وفاته عند النّاس في آخر اليوم.
وذلك أنّه بعد ما توفّي حصل اضطراب واختلاف بين الصّحابة في موته، فأنكر كثير منهم موته؛ حتّى قال عمر: من قال «إنّ محمّدا قد مات؛ قتلته بسيفي هذا» ؟! فما تحقّقوا وفاته إلّا في آخر النّهار، حتّى جاء الصّدّيق رضي الله تعالى عنه وأعلمهم كما سيأتي.
وفي الحديث أنّ الصّدّيق استمرّ خليفة على الصّلاة؛ حتّى مات المصطفى صلى الله عليه وسلم، لا كما زعمت الشّيعة أنّه عزله بخروجه!! والله أعلم.
وقد روى البخاريّ هذا الحديث أيضا؛ عن أنس رضي الله تعالى عنه، لكن بلفظ: إنّ المسلمين بينما هم في صلاة الفجر يوم الاثنين؛ وأبو بكر يصلّي بهم لم يفجأهم إلّا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كشف سجف حجرة عائشة رضي الله تعالى عنها، فنظر إليهم وهم صفوف في الصّلاة ثمّ تبسّم يضحك، فنكص أبو بكر على عقبيه ليصلّ بالصّف، فظنّ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يخرج إلى الصّلاة.
قال أنس: وهمّ المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم؛ فرحا برسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأشار إليهم بيده: أن أتمّوا صلاتكم، ثمّ دخل الحجرة، وأرخى السّتر. وفي رواية له: فتوفّي في يومه.
وفي رواية أخرى للبخاريّ ومسلم؛ عن أنس أيضا: لم يخرج إلينا ثلاثا، فذهب أبو بكر يتقدّم، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجاب، فلمّا وضح لنا وجهه ما نظرنا منظرا قطّ كان أعجب إلينا منه، حين وضح لنا؛ فأومأ إلى أبي بكر أن يتقدّم وأرخى الحجاب ... الحديث.
ولفظ مسلم؛ عن أنس أيضا: إنّ أبا بكر كان يصلّي بهم، حتّى إذا كانوا يوم الاثنين وهم صفوف في الصّلاة؛ كشف صلى الله عليه وسلم ستر الحجرة، فنظرنا إليه؛ وهو قائم كأن وجهه ورقة مصحف، ثمّ تبسّم ضاحكا ... الحديث.