يا أيّها النّاس؛ إنّه من كان يعبد محمّدا.. فإنّ محمّدا قد مات، ومن كان يعبد الله.. فإنّ الله حيّ لم يمت، وإنّ الله قد تقدّم إليكم في أمره فلا تدعوه ...
ولأنّه صلى الله عليه وسلم أراد أن يبقى ذلك كلّه إلى يوم الدّين، ويجعل له به لسان صدق في الآخرين، كما جعله لإبراهيم عليه الصّلاة والسّلام؛ مقرونا بما وهب الله تعالى له صلى الله عليه وسلم من ذلك، ولمشاركته له في التأذين بالحجّ وإجابة لدعائه بقوله وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (٨٤)[الشعراء] ، ولأنه صلى الله عليه وسلم أمر بالاقتداء به.
وممّا يعزى للشيخ أبي محمد المرجاني أنّه قال: سرّ التشبيه بإبراهيم؛ دون موسى عليهما السّلام!! لأنه كان التجلّي له بالجلال؛ فخرّ موسى صعقا، والخليل إبراهيم كان التجلي له بالجمال، لأنّ المحبّة والخلّة من آثار التجلّي بالجمال، فأمرهم صلى الله عليه وسلم أن يصلّوا عليه كما صلى على إبراهيم، ليسألوا له التجلّي بالجمال؛ لا التسوية فيه، فيتجلّى لكل منهما بحسب مقامه ورتبته عنده.
(إنّك حميد) ؛ فعيل بمعنى مفعول، لأنّه حمد نفسه وحمده عباده. أو بمعنى فاعل، لأنه الحامد لنفسه؛ ولأعمال الطّاعات من عباده.
(مجيد) من المجد؛ وهو الشرف والرفعة وكرم الذات والفعال التي منها كثرة الأفضال، والمعنى إنّك أهل الحمد والفعل الجميل والكرم والإفضال؛ فأعطنا سؤلنا ولا تخيّب رجاءنا.
(يا أيّها النّاس؛ إنّه من كان يعبد محمّدا؛ فإنّ محمّدا قد مات، ومن كان يعبد الله؛ فإنّ الله حيّ لم يمت، وإنّ الله تقدّم إليكم في أمره) ، أي: قدّم لكم في كلامه إذ قال وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ [٣٤/ الأنبياء] ، (فلا تدعوه) : تتركوا العمل به