للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.........

فبوركت يا قبر الرّسول، وبوركت ... بلاد ثوى فيها الرّشيد المسدّد

وبورك لحد منك ضمّن طيّبا ... عليه بناء من صفيح منضّد

تهيل عليه الترب أيد وأعين ... تباكت، وقد غارت بذلك أسعد

لقد غيّبوا حلما وعلما ورحمة ... عشية علّوه الثّرى لا يوسّد

وراحوا بحزن ليس فيهم نبيّهم ... وقد وهنت منهم ظهور وأعضد

يبكّون من تبكي السّماوات موته ... ومن قد بكته الأرض فالنّاس أكمد

فهل عدلت يوما رزيّة هالك ... رزيّة يوم مات فيه محمّد

تقطّع فيه منزل الوحي عنهم ... وقد كان ذا نور يغور وينجد

يدلّ على الرّحمن من يقتدي به ... وينقذ من هول الخزايا ويرشد

إمام لهم يهداهم الحقّ جاهدا ... معلّم صدق، إن يطيعوه يسعدوا

عفوّ عن الزّلّات؛ يقبل عذرهم ... وإن يحسنوا، فالله بالخير أجود

وإن ناب أمر لم يقوموا بحمله ... فمن عنده تيسير ما يتشدّد!

فبينا هم في نعمة الله بينهم ... دليل به نهج الطّريقة يقصد

عزيز عليه أن يجوروا عن الهدى ... حريص على أن يستقيموا ويهتدوا

عطوف عليهم لا يثنّي جناحه ... إلى كنف يحنو عليهم ويمهد

فبيناهم في ذلك النّور إذ غدا ... إلى نورهم سهم من الموت يقصد

فأصبح محمودا إلى الله راجعا ... تبكّيه جفن المرسلات ويجمد

وأمست بلاد الحرم وحشا بقاعها ... لغيبة ما كانت من الوحي تعهد

قفارا سوى معمورة اللّحد ضافها ... فقيد يبكّيه بلاط وغرقد

ومسجده كالموحشات لفقده ... خلاء له فيه مقام ومقعد

فيا جمرة الكبرى له ثمّ أوحشت ... ديار وعرصات وربع ومولد

فبكّي رسول الله يا عين جهرة ... ولا أعرفنك الدّهر دمعك يجمد

وما لك لا تبكين ذا النّعم الّتي ... على النّاس منها سابغ يتغمّد

فجودي عليه بالدّموع وأعولي ... لفقد الّذي لا مثله الدّهر يوجد

<<  <  ج: ص:  >  >>