للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لن يصابوا بمثلي» . و (الفرط- في الأصل-) : السّابق من القوم المسافرين ليهيّىء لهم الماء والكلأ وما يحتاجونه، والمراد به هنا:

الصّغير الّذي يموت قبل أحد أبويه، فإنّه يشبهه في تهيئة ما يحتاج إليه يوم القيامة من المصالح.

ثم استأنف بقوله: (لن يصابوا بمثلي» ؛) على وجه التّعليل لقوله: «أنا فرط لأمّتي» . أي: لم يبلغوا مصيبة مثل مصيبتي، فإنّي عندهم أحبّ من كلّ والد وولد، فمصيبتي عليهم أشدّ من جميع المصائب، فأكون أنا فرطهم؛ وهو شامل لمن أدرك زمانه ومن لم يدركه، كما يدلّ عليه تعبيره ب «أمّتي» .

قال الباجوري؛ في «حاشية الشمائل» : (والفرط) - بفتحتين- والفارط (في الأصل) ؛ أي: أصل معناه في اللغة هو (: السّابق) ؛ أي: المتقدم (من القوم المسافرين ليهيّىء لهم) الأرشاء «١» والدّلاء ويمدر الحياض؛ ويستقي لهم (الماء، و) يهيء لدوابّهم (الكلأ) - مهموز: العشب؛ رطبا كان أو يابسا، فإن كان رطبا! يقال له: خلاء، واليابس يقال له: حشيش؛ والكلأ يعمّهما- (و) يهيّىء لهم (ما يحتاجونه) من منزل ونزل، ويزيل ما يخافون منه، ويأخذ الأمن فيه للمتأخّر عنه؛ فهو فعل بمعنى فاعل؛ كتبع بمعنى تابع، يقال: رجل فرط وقوم فرط.

(والمراد به هنا) في الحديث: الولد (الصّغير الّذي يموت قبل أحد أبويه، فإنّه) أي: الولد الصغير (يشبهه) ؛ أي: يشبه فرط المسافرين (في تهيئة ما يحتاج) - بضمّ أوّله مبنيّا للمفعول-؛ أي: ما يحتاج (إليه) أبواه، فكما أنّ فرط القافلة يتقدّمهم إلى المنازل فيعدّ لهم ما يحتاجونه من سقي الماء وضرب الخيمة ونحوهما؛ كذلك الطفل الصغير الذي يموت قبل أحد أبويه فإنه يهيء لهما (يوم القيامة) ما يحتاجان (من المصالح) ؛ وهو نزل ومنزل في الجنّة.


(١) جمع رشاء؛ وهو الحبل، وأفصح من هذه الصيغة للجمع: أرشية!!.

<<  <  ج: ص:  >  >>