وعن عمرو بن الحارث- أخي جويرية أمّ المؤمنين رضي الله تعالى عنهما- قال: ما ترك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلّا سلاحه وبغلته وأرضا جعلها صدقة.
(و) أخرج البخاريّ، والنّسائيّ، والترمذيّ في «الشّمائل» ؛ (عن عمرو بن الحارث) المصطلقي (أخي جويرية) - بالتصغير- (أمّ المؤمنين) له صحبة، خرّج له الجماعة (رضي الله تعالى عنهما) ؛ أي: عمرو وجويرية.
(قال: ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلّا) الحصر في الثلاثة المذكورة في هذا الخبر إضافيّ؛ فقد ترك ثيابه ومتاع بيته، ولكنها لما كانت بالنسبة للمذكورات يسيرة لم تذكر.
وقال ابن سيّد الناس: وترك صلى الله عليه وسلم يوم مات ثوبي حبرة وإزارا عمانيّا، وثوبين صحاربين، وقميصا صحاريا، وآخر سحوليّا، وجبّة يمنيّة، وخميصة وكساء أبيض، وقلانس صغارا لاطية «ثلاثا؛ أو أربعا» وملحفة مورّسة، أي: مصبوغة بالورس.
(١- سلاحه) الذي كان يختصّ بلبسه واستعماله؛ من نحو: سيف ورمح ودرع ومغفر وحربة.
(و ٢- بغلته) البيضاء واسمها «دلدل» ، وعاشت بعده صلى الله عليه وسلم حتى كبرت وذهبت أسنانها، وكان يجرش لها الشعير، وماتت في ينبع، ودفنت في جبل رضوى، وكان له بغال غيرها.
(و ٣- أرضا) لم يضفها له، لعدم اختصاصها به كسابقتها، لأنّ غلّتها كانت عامّة له ولعياله ولفقراء المسلمين، وهي نصف أرض فدك، وثلث أرض وادي القرى، وسهمه من خمس خيبر، وحصّة من أرض بني النضير؛ (جعلها) ؛ أي: الأرض (صدقة) في حياته على أهله وزوجاته وخدمه وفقراء المسلمين، وليس المراد أنّها صارت صدقة بعد موته كبقية مخلّفاته؛ فإنّها صارت كلّها صدقة بعد وفاته على المسلمين.