غيرها، على المنقول المقبول عند أهل العقول، لأنّه سبحانه وتعالى جعله رحمة للعالمين؛ هاديا للضّالّين؛ محفوظا من وسواس الشّياطين.
وإذا تنوّر العالم بنور وجوده، ورجمت الشّياطين لميلاده، وهدمت بنيان الكهنة لظهوره؛ فكيف يتصوّر أن يتمثّل الشّيطان بصورته!! ولو قدر أن يتمثّل بصورته لتمثّل في الخارج كذلك، فرؤياه حقّ على أيّ صورة كانت.
ثمّ إن كانت بصورته الحقيقة في وقت مّا، سواء كان في شبابه؛ أو رجوليّته؛ أو كهوليّته؛ أو أواخر عمره، لم تحتج لتأويل، وإلّا احتيجت لتعبير متعلق بالرّائي. ومن ثمّ قيل: من رآه شيخا، فهو في غاية سلم، أو شابا؛ فهو في غاية حرب، أو متبسما؛ فهو متمسك بسنّته، أو على حالته وهيئته؛ فهو دليل على صلاح حال الرّائي وكمال وجاهته وظفره. وعكسه؛ لأنّه كالمرآة الصّقيلة ينطبع فيها ما يقابلها، وإن كان ذاتها على أحسن حال.
وبه علم صحّة رؤية جمع له؛ في آن واحد؛ في أقطار متباعدة؛ بأوصاف متخالفة. وكما أنّ الشّمس يراها كلّ إنسان في الشّرق والغرب في ساعة واحدة وبصفات مختلفة؛ فكذلك هو صلّى الله عليه وسلّم.
وحكي عن البارزيّ واليافعيّ والجيليّ والشّاذليّ والمرسيّ وعلي وفاء والقطب القسطلّانيّ وغيرهم أنّهم رأوه يقظة. قال ابن أبي جمرة: ومنكر ذلك!! إن كان ممّن يكذّب بكرامات الأولياء؛ فلا كلام معه، وإلّا! فهذه منها؛ إذ يكشف لهم بخرق العادة عن أشياء في العالم العلويّ والسفليّ. انتهى.
وسبقه لنحوه حجّة الإسلام؛ فقال في كتاب «المنقذ» : وهم- يعني: أرباب القلوب- في يقظتهم، يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء، ويسمعون منهم أصواتا، ويقتبسون منهم فوائد. انتهى كلام المناوي رحمه الله تعالى.
(و) أخرج التّرمذيّ في «الشّمائل» ؛ (عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه