وهل يكره أن يقول أحد للنّاس: أمركم النّبيّ عليه الصلاة والسلام، بصيام أيام لأنّه كذب عليه، ومستنده الرّؤيا الّتي سمعها من غير رائيها، أو منه.
وهل يمتنع أن يتسمّى إبليس باسم النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ويقول للنّائم: إنّه النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ويأمره بطاعته، ليتوصّل بذلك إلى معصيته؛ كما يمتنع عليه التّشكّل في صورته الشّريفة أم لا!! [وبم] تتميّز الرؤية له صلى الله عليه وسلم الصادقة من الكاذبة، وهل يثبت شيء من أحكام الشّرع بالرؤية في النّوم؟ وهل المرئيّ ذاته صلى الله عليه وسلم، أو روحه، أو مثل ذلك.
أجاب- رحمه الله تعالى- بقوله: لا يجب على أحد الصّوم؛ ولا غيره من الأحكام بما ذكر، ولا مندوب. بل قد يكره؛ أو يحرم، لكن إن غلب على الظّنّ صدق الرّؤيا فله العمل بما دلّت عليه؛ ما لم يكن فيه تغيير حكم شرعيّ. ولا يثبت بها شيء من الأحكام؛ لعدم ضبط الرّائي، لا للشّكّ في الرّؤيا.
ويحرم على الشّخص أن يقول: أمركم النّبيّ صلى الله عليه وسلم بكذا؛ فيما ذكر، بل يأتي بما يدلّ على مستنده من الرّؤيا، إذ لا يمتنع عقلا أن يتسمّى إبليس باسم النّبيّ صلى الله عليه وسلم ليقول للنّائم: إنّه النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ويأمره بالطّاعة؛ والرّؤيا الصّادقة هي الخالصة من الأضغاث.
والأضغاث أنواع:
الأوّل: تلاعب الشّيطان ليحزن الرّائي؛ كأن يرى أنّه قطع رأسه.
الثّاني: أن يرى أنّ بعض الأنبياء يأمره بمحرّم؛ أو محال.
الثّالث: ما تتحدّث به النّفس في اليقظة تمنّيا؛ فيراه كما هو في المنام.
ورؤية المصطفى صلى الله عليه وسلم بصفته المعلومة إدراك لذاته؛ ورؤيته بغير صفته إدراك لمثاله، فالأولى: لا تحتاج إلى تعبير، والثّانية: تحتاج إليه.
ويحمل على هذا قول النّوويّ «الصّحيح أنّه يراه حقيقة؛ سواء كانت صفته المعروفة أو غيرها» . وللعلماء في ذلك كلام كثير ليس هذا محلّ ذكره، وفيما