وعن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من رآني في المنام.. فقد رآني، فإنّ الشّيطان لا يتخيّل بي» .
وردّ بأنّه يأباه قوله «فإنّ الشّيطان لا يتزيّا بي» - بالزّاي المعجمة- أي: لا يظهر في زيّي؛ أي: لا يستطيع ذلك، لأن الله سبحانه وتعالى؛ وإن مكّنه من التصوّر في أيّ صورة أراد؛ فإنّه لا يمكّنه من التّصوّر في صورة النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
(و) أخرج الإمام أحمد، والبخاريّ، والتّرمذيّ في «الجامع» و «الشّمائل» :
(عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رآني في المنام) أي: في حال النّوم- (فقد رآني) حقيقة؛ أي: رأى حقيقتي كما هي، (فإنّ الشّيطان لا يتخيّل بي» ) . أي: لا يمكنه أن يظهر لأحد بصورتي، فمعنى التخيّل يقرب من معنى التصوّر.
فإن قيل: كيف يكون ذلك وهو في المدينة المنوّرة؛ والرائي في المشرق أو المغرب مثلا!؟
أجيب: بأنّ الرّؤية أمر يخلقه الله تعالى، ولا يشترط فيها عقلا مواجهة؛ ولا مقابلة؛ ولا خروج شعاع؛ ولا غيره. ولذا جاز أن يرى أعمى الصّين بقّة أندلس!!.
فإن قلت: كثيرا يرى على خلاف صورته المعروفة، ويراه شخصان في حالة واحدة في مكانين؛ والجسم الواحد لا يكون إلّا في مكان واحد؟!
أجيب: بأنّه يعتبر في صفاته؛ لا في ذاته، فتكون ذاته عليه الصلاة والسلام مرئيّة وصفاته متخيّلة غير مرئيّة، فالإدراك لا يشترط فيه تحديق الأبصار، ولا قرب المسافة، فلا يكون المرئيّ مدفونا في الأرض ولا ظاهرا عليها، وإنّما يشترط كونه موجودا، ولو رآه يأمر بقتل من يحرم قتله!! كان هذا من صفاته المتخيّلة؛ لا المرئيّة. كذا قاله القسطلّاني في «شرح البخاري» .