للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سواء رآه على صفته المعروفة أو غيرها على المنقول المقبول عند ذوي العقول، وإنّما ذلك يختلف باختلاف حال الرّائي، كالمرآة الصّقيلة ينطبع فيها ما يقابلها؛ ...

إنّما هي لذلك؛ لا للإضلال، فلا يكون منه إضلال لأحد البتة، فوجب عصمة صورته من أن يظهر بها شيطان.

وقال القاضي عياض: لم يختلف العلماء في جواز صحّة رؤية الله تعالى في النّوم، وإن رؤي على صفة لا تليق بحاله من صفات الأجسام؛ لتحقّق أنّ المرئيّ غير ذات الله، إذ لا يجوز عليه التّجسيم؛ ولا اختلاف الحالات، بخلاف النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فكانت رؤياه تعالى في النّوم من باب التّمثيل والتّخييل.

وقال ابن العربي: رؤيا الله في النّوم أوهام وخواطر في القلب؛ لا تليق به الحقيقة، ويتعالى عنها، وهي دلالات للرّائي على أمر كان؛ أو يكون كسائر المرئيّات.

وقال غيره: رؤياه تعالى مناما حقّ وصدق؛ لا كذب فيها في قول ولا فعل.

انتهى «مناوي وزرقاني» رحمهما الله تعالى.

ورؤياه صلى الله عليه وسلم في المنام حقّ، (سواء رآه على صفته المعروفة؛ أو غيرها على المنقول المقبول عند ذوي العقول) ، كما هو ظاهر الحديث، وبه صرّح النّوويّ، مضعّفا لتقييد الحكيم التّرمذيّ والقاضي عياض وغيرهما بما إذا رآه على صورته المعروفة في حياته، وتبعه عليه بعض المحقّقين.

(وإنّما ذلك يختلف باختلاف حال الرّائي) ، فإن كانت رؤيته بصورته الحقيقيّة في وقت ما؛ سواء كان في شبابه، أو رجولته، أو كهولته، أو أواخر عمره؛ لم تحتج لتأويل، وإلّا! احتيجت لتعبير متعلّق بالرّائي، ومن ثمّ قيل: من رآه شيخا؛ فهو في غاية سلم، أو شابّا فهو في غاية حرب، أو متبسّما فهو متمسّك بسنّته، أو على حالته وهيئته؛ فهو دليل على صلاح حال الرّائي وكمال وجاهته وظفره، لأنّه صلى الله عليه وسلم (كالمرآة الصّقيلة ينطبع فيها ما يقابلها) ، وإن كان ذاتها على أحسن حال؛

<<  <  ج: ص:  >  >>