الأشياء، (ولا أثر للقرب؛ ولا للبعد في ذلك) ، ونحن نعلم أنّه صلى الله عليه وسلم حيّ في قبره يصلّي، فإذا أكرم الإنسان برؤيته يقظة فلا مانع من أن يكرم بمحادثته ومكالمته وسؤاله عن الأشياء، وإنّه يجيبه عنها.!! وهذا كلّه غير منكر شرعا؛ ولا عقلا.
قال السّيوطي: وأكثر من يقع له ذلك إنّما يقع له قرب موته؛ أو عند الاحتضار، ويكرم الله بها من يشاء. انتهى.
وأنكر رؤية النّبيّ صلى الله عليه وسلم في اليقظة؛ أنكرها جماعة؛
منهم العلّامة بدر الدين السّيّد: حسين بن عبد الرّحمن الأهدل، مؤلّف «تحفة الزّمن» رحمه الله تعالى، فقال في مسألة الرّؤية له:
إنّ وقوعها للأولياء قد تواترت بأجناسها الأخبار، وصار العلم بذلك قويّا؛ انتفى عنه الشّكّ، ومن تواترت عليه أخبارهم لم يبق له فيه شبهة. ولكن يقع لهم ذلك في بعض غيبة وحسّ وغموض طرف لمورود حال؛ لا تكاد تضبطها العبارة، ومراتبهم في الرّؤية متفاوتة. وكثيرا ما يغلط فيها رواتها، فقلّما تجد رواية متّصلة صحيحة عمّن يوثق به.
وأمّا من لا يوثق!! به فقد يكذب، وقد يرى مناما؛ أو في غيبة حسّ فيظنّه يقظة، وقد يرى خيالا أو نورا؛ فيظنّه الرّسول صلى الله عليه وسلم، وقد يلبس عليه الشّيطان فيجب التّحرّز في هذا الباب.
وبالجملة: فالقول برؤيته صلى الله عليه وسلم بعد موته بعين الرّأس في اليقظة يدرك فساده بأوائل العقول؛ لاستلزامه خروجه من قبره، ومشيه في الأسواق، ومخاطبته للنّاس، ومخاطبتهم له، وخلوّ قبره عن جسده الشّريف؛ فلا يبقى منه فيه شيء، بحيث يزار مجرّد القبر؛ ويسلّم على غائب. انتهى.
ومنهم: أبو العباس القرطبيّ في «المفهم» في الرّد على من قال «بأنّ الرّائي له في المنام رؤيا حقيقيّة يراه بعد ذلك في اليقظة» . قال: وهذه جهالات لا يقول