فمن كرامات الأولياء: خرق الحجب لهم، فلا مانع عقلا ولا شرعا أنّ الله تعالى يكرم وليّه؛ بأن لا يجعل بينه وبين الذّات الشّريفة ساترا ولا حاجبا) .
بشيء منها من له أدنى مسكة من المعقول، وملتزم شيء من ذلك مختلّ مخبول.
انتهى.
وهذه الإلزامات كلّها ليس شيء منها بلازم، وقد أشار للجواب عنها بقوله:
(فمن كرامات الأولياء: خرق الحجب لهم) ؛ يعني: أنّ رؤيته صلى الله عليه وسلم يقظة لا تستلزم خروجه من قبره؛ لأنّ من كرامات الأولياء- كما مرّ- أنّ الله تعالى يخرق لهم الحجب، (فلا مانع عقلا؛ ولا شرعا) ؛ ولا عادة:(أنّ الله تعالى يكرم وليّه بأن لا يجعل بينه وبين الذّات الشّريفة ساترا؛ ولا حاجبا) بأن يجعل تلك الحجب كالزّجاج الّذي يحكي ما وراءه، وحينئذ يقع بصره عليه صلى الله عليه وسلم. وإذا أكرم الإنسان بوقوع بصره على ذاته الشّريفة؛ فلا مانع أن يكرم بمحادثته ومكالمته، وسؤاله عن أشياء، وأنّه يجيب عنها، وهذا كلّه غير منكر شرعا؛ ولا عقلا.
وممن أنكرها صاحب «فتح الباري» العلّامة الحافظ؛ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني- رحمه الله تعالى- حيث قال:
وهذا مشكل جدّا، ولو حمل على ظاهره لكان هؤلاء صحابة، ولأمكن بقاء الصّحبة إلى يوم القيامة!!.
ويردّ بأنّ الشّرط في الصّحابي أن يكون رآه في حياته، حتى اختلفوا فيمن رآه بعد موته؛ وقبل دفنه: هل يسمى صحابيا، أم لا؟! على أنّ هذا أمر خارق للعادة، والأمور التي كذلك لا تغيّر لأجلها القواعد الكلّيّة.
ونوزع أيضا بأنّه لم يحك ذلك عن أحد من الصّحابة، ولا من بعدهم، وبأنّ فاطمة اشتدّ حزنها عليه صلى الله عليه وسلم حتّى ماتت كمدا بعده بستّة أشهر، وبيتها مجاور لضريحه الشّريف صلى الله عليه وسلم، ولم ينقل عنها رؤيته تلك المدّة!!.