للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.........

ويردّ أيضا: بأنّ عدم نقله لا يدلّ على عدم وقوعه، فلا حجّة في ذلك كما هو ظاهر، وكذلك موت فاطمة كمدا؛ لأنّه قد يكرم المفضول بما لا يكرم به الفاضل.

وتأوّل الأهدل وغيره ما وقع للأولياء من ذلك: بأنّه إنّما هو في حال غيبتهم فيظنّونه يقظة، وفيه إساءة ظنّ بهم حيث يشتبه عليهم رؤية الغيبة برؤية اليقظة، وهذا لا يظنّ بأدون العقلاء فكيف بالأكابر!!.

قاله ابن حجر- رحمه الله تعالى-.

وتعقّبه العلّامة علي القاري رحمه الله تعالى: بأنّ هذا ليس من باب إساءة الظّنّ، بل من باب التّأويل الحسن؛ جمعا بين المنقول والمشاهد المعقول، فإنّه لو حمل على الحقيقة؛ لكان يجب العمل بما سمعوا منه صلى الله عليه وسلم من أمر ونهي وإثبات ونفي.

ومن المعلوم أنّه لا يجوز ذلك إجماعا، كما لا يجوز بما يقع حال المنام؛ ولو كان الرّائي من أكابر الأنام.

وقد صرح المازريّ: بأنّ من رآه يأمر بقتل من يحرم قتله كان هذا من الصّفات المتخيّلة؛ لا المرئيّة، فيتعيّن أن تحمل هذه الرّؤية أيضا على رؤية عالم المثال؛ أو عالم الأرواح- كما تقدّم تحقيقه عن الإمام حجّة الإسلام الغزالي؛ رحمه الله تعالى-.

وبعد حملنا على عالم المثال؛ فيزول الإشكال على كل حال، فإن الأولياء في عالم الدّنيا مع ضيقها قد يحصل لهم أبدان مكتسبة وأجسام متعدّدة، تتعلّق حقيقة أرواحهم بكلّ واحد من الأبدان؛ فيظهر كلّ في خلاف الآخر من الأماكن والأزمان، وحينئذ لا نقول: بأنّ النّبي صلى الله عليه وسلم مضيّق عليه في عالم البرزخ بكونه محصورا في قبره، بل نقول: إنّه يجول في العالم السّفلي والعالم العلوي، فإنّ أرواح الشّهداء- مع أن مرتبتهم دون مرتبة الأنبياء- إذا كانت في أجواف طير خضر تسرح في رياض الجنّة، ثمّ تعود إلى قناديل معلّقة تحت العرش؛ كما هو مقرّر في

<<  <  ج: ص:  >  >>