وأنّه يتصرّف ويسير حيث شاء في أقطار الأرض في الملكوت، وهو بهيئته الّتي كان عليها قبل وفاته؛ لم يتبدّل منه شيء، وأنّه مغيّب عن الأبصار؛ كما غيّبت الملائكة، مع كونهم أحياء بأجسادهم، فإذا أراد الله رفع الحجاب عمّن أراد إكرامه برؤيته رآه على هيئته الّتي هو عليها؛ لا مانع من ذلك، ولا داعي إلى التّخصيص برؤية المثال. انتهى كلام السّيوطي في كتاب «تنوير الحلك» ملخّصا.
قال المصنّف الشّيخ يوسف النّبهاني رحمه الله تعالى: وقد رأيت رسالة في حجم كرّاسة منسوبة للشّيخ نور الدّين علي الحلبي؛ سمّاها «تعريف أهل الإسلام والإيمان بأنّ محمّدا صلى الله عليه وسلم لا يخلو منه مكان ولا زمان» .
فممّا قاله فيها؛ بعد نقل كثير من كلام السّيوطي:
قلت: وأمّا كلامنا والّذي نقوله- إن شاء الله تعالى-: إنّ الأمر كما قاله الجلال السّيوطي، وأخصّ من ذلك أنّ الّذي أراه أنّ جسده الشّريف لا يخلو منه زمان؛ ولا مكان، ولا محل، ولا إمكان، ولا عرش؛ ولا لوح، ولا كرسي؛ ولا قلم، ولا بحر؛ ولا بر، ولا سهل؛ ولا وعر، ولا برزخ؛ ولا قبر، كما أشرنا إليه أيضا. وأنّه امتلأ الكون الأعلى به كامتلاء الكون الأسفل به، وكامتلاء قبره به، فتجده مقيما في قبره؛ طائفا حول البيت؛ قائما بين يدي ربه لأداء الخدمة؛ تامّ الانبساط بإقامته في درجة الوسيلة.
ألا ترى أنّ الرّائين له يقظة؛ أو مناما في أقصى المغرب يوافقون في ذلك الرّائين له كذلك في تلك السّاعة بعينها في أقصى المشرق!!؟ فمتى كان كذلك مناما كان في عالم الخيال والمثال، ومتى كان يقظة كان بصفتي الجمال والإجلال، وعلى غاية الكمال، كما قال القائل:
ليس على الله بمستنكر ... أن يجمع العالم في واحد
وأطال في ذلك بذكر الأدلّة. فراجعه في تلك الرّسالة، فهي بكمالها قد تضمنّها كتاب «جواهر البحار في فضائل النّبيّ المختار» للمصنّف الشّيخ يوسف النّبهاني