للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ [البقرة: ٢٨٦] .

ومن ذلك أنّ من ارتكب منهم الخطيئة تصبح خطيئته مكتوبة على بابه، وغير ذلك من التّكاليف الشّاقة الّتي رفعها الله عن هذه الأمّة بفضله ورحمته، فله الحمد والمنّة.

(رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ) : قدرة (لَنا بِهِ) من التّكاليف والبلاء، فلم يكلّفنا بالحجّ من غير استطاعة؛ مثلا، ولا بالصّلاة من قيام، مع كونه مريضا لا يقدر عليه، ولا باستعمال الماء مع عدم القدرة عليه، وقد كان ينزل بمن قبلنا الطّوفان والجراد والقمّل والضّفادع والدّم والصّيحة والخسف والمسخ، وغير ذلك من أنواع البلايا العامة الّتي لا تبقي ولا تذر.

(وَاعْفُ عَنَّا) : امح ذنوبنا من الصّحف (وَاغْفِرْ لَنا) ؛ أي: استر ذنوبنا عن أعين المخلوقات، (وَارْحَمْنا) في الرّحمة زيادة عن المغفرة؛ لأنّ الرّحمة الإحسان، وهي تشمل المغفرة الّتي هي غفر الذّنوب، وإيصال النّعم في الدّنيا والآخرة.

(أَنْتَ مَوْلانا) : سيدنا، ومتولّي أمورنا، (فَانْصُرْنا) . أتى هنا بالفاء!! إعلاما بالسّببيّة، لأنّ الله تعالى لما كان مولاهم ومالك أمورهم، وهو مدبّرهم، تسبّب عنه أن دعوه بأن ينصرهم على أعدائهم، كقولك «أنت الجواد فتكرّم علي» و «أنت البطل؛ فاحم حومتك» .

(عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٢٨٦) [البقرة] ) ، بإقامة الحجّة والغلبة في قتالهم، فإنّ من شأن المولى أن ينصر مواليه على الأعداء.

والحكمة في زيادة قوله «القوم» ولم يقل «الكافرين» !! لأنّه لا يلزم من النّصرة على أفراد الكفّار النّصرة على الهيئة المجتمعة؛ لأنّ الشّخص قد يكون غالبا على كلّ أحد؛ ولا يكون غالبا على المجموع.

<<  <  ج: ص:  >  >>