وقلب لا يخشع، ودعاء لا يسمع، ونفس لا تشبع، ومن الجوع فإنّه بئس الضّجيع، ومن الخيانة فإنّها بئست البطانة، ...
(وقلب لا يخشع) لذكر الله سبحانه، ولا لاستماع كلامه، وهو القلب القاسي الّذي هو أبعد القلوب من حضرة علّام الغيوب.
وإنّ أبعد قلوب النّاس ... من ربّنا الرّحيم قلب قاسي
(ودعاء لا يسمع) سماع قبول؛ أي: لا يستجاب ولا يعتدّ به، فكأنّه غير مسموع.
(ونفس لا تشبع) من جمع المال، أو من كثرة الأكل؛ الجالبة لكثرة الأبخرة؛ الموجبة لكثرة النّوم، المؤدّية إلى فقر الدّنيا والآخرة.
ويؤخذ من الحديث جواز السّجع في الأدعية؛ ومحلّه إذا لم يكن بتكلّف واستعمال فكره، وإلّا كره؛ لما فاته في مقام الدّعاء من الخضوع والذّلّة والخشوع.
(ومن الجوع) ؛ حقيقته: أنّه الألم الحاصل من خلوّ المعدة من المأكول؛ ولا ينافي ذلك قول أهل الطّريق: إنّ الجوع مطلوب لرياضة النّفس، لأنّ المستجار منه هو الّذي ليس فيه مصلحة شرعيّة، أو يضرّ بالجسد.
(فإنّه بئس الضّجيع) : المضاجع لي في فراشي. استعاذ منه، لأنّه يمنع استراحة البدن، ويحلّل المواد المحمودة بلا بدل، ويشوّش الدّماغ، ويورث الوسواس، ويضعف البدن عن القيام بوظائف العبادات؛ لا سيّما قيام التّهجّد.
(ومن الخيانة) : مخالفة الحقّ بنقض العهد في السّرّ، سواء كانت خيانة للغير؛ كالخيانة في الوديعة، أو خيانة للنّفس؛ كأن لا يمتثل المأمورات والمنهيّات، فمن ضيّع شيئا ممّا أمر الله به؛ أو ارتكب شيئا ممّا نهى الله عنه فقد خان نفسه، إذ جلب إليها الذّم في الدّنيا والعقاب في الآخرة.
(فإنّها بئست البطانة) - بكسر الباء؛ ضد الظهارة- وهي في الأصل: الثّوب