للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فاغفر لي، فإنّه لا يغفر الذّنوب إلّا أنت» . (خ؛ عن شدّاد بن أوس) .

وتعقّبه في «المرقاة» بأنه ذهول وغفلة منه، أنّ هذا لفظ النبوّة وهو معصوم عن الزّلة. انتهى. ولك أن تقول: ليس في هذا إثبات وقوع الذنب منه صلى الله عليه وسلم حتى ينافي العصمة؛ إنما المقصود أنه لكمال فضله وخضوعه لربّه يرى ذلك، وكلّما كمل الإنسان زاد اتهامه لنفسه.

ومثاله في الشاهد: أن البريء من الذنب المقرّب مثلا، إذا قال للملك «أنا مسيء في حقّك» ... ونحو ذلك، عدّ منه تواضعا وسببا لترقّيه عند ذلك الملك، وليس فيه إثبات للذنب، والله أعلم.

وقال الطّيبيّ: اعترف أولا بأنه تعالى أنعم عليه، ولم يقيّده!! ليشمل كلّ الإنعام، ثم اعترف بالتقصير، وأنه لم يقم بأداء شكرها، وعدّ [ذلك] ذنبا!! مبالغة في التقصير وهضم النفس. انتهى؛ ذكره في «شرح الأذكار» .

(فاغفر لي) ذنوبي، (فإنّه) ؛ أي: الشأن (لا يغفر الذّنوب) ؛ أي:

جميعها (إلّا أنت» ) وفائدة الإقرار بالذنب: أنّ الاعتراف يمحو الاقتراف، كما قيل:

فإنّ اعتراف المرء يمحو اقترافه ... كما أنّ إنكار الذّنوب ذنوب

(خ) ؛ أي: أخرجه البخاري في «صحيحه» ؛ (عن شدّاد بن أوس) بن ثابت الأنصاريّ الخزرجيّ «ابن أخي حسان بن ثابت» .

كنيته أبو يعلى، قيل: هو يدري!! وغلط قائله. إنما البدري أبوه رضي الله تعالى عنهما. قال عبادة بن الصّامت وأبو الدّرداء: كان شدّاد من أولي العلم والحكمة.

سكن بيت المقدس وأعقب بها، وتوفي سنة ثمان وخمسين، أو: إحدى وأربعين، أو: أربع وستين، وعمره خمس وسبعون سنة، ودفن بها، وقبره بظاهر باب الرّحمة باق إلى الآن.

<<  <  ج: ص:  >  >>