أي: ظلمتها بوضع المعاصي موضع الطاعات، وجزم به البرماويّ؛ قاله في «شرح الأذكار» .
(ظلما كثيرا) قال النووي: هكذا ضبطناه «ظلما كثيرا» - بالثاء المثلاثة- في معظم الروايات، وفي بعض روايات مسلم «كبيرا» - بالباء الموحدة- وكلاهما حسن، فينبغي أن يجمع بينهما فيقال: ظلما كثيرا كبيرا. انتهى.
وأكّد بالمصدر؛ ووصفه!! تحقيقا لدفع المجاز.
وفي الحديث دليل على تكذيب مقالة من زعم أنه لا يستحقّ اسم الإيمان إلا من كان لا خطيئة له ولا جرم، وزعموا أنّ أهل الإجرام غير مؤمنين، وأنّ سائر الذّنوب كبائر، وذلك أنّ الصّدّيق أفضل الصّدّيقين من أهل الإيمان؛ وقد أمره الشارع أن يقول «ظلمت نفسي ظلما كثيرا» !.
وفيه دليل على أنّ الواجب على العبد أن يكون على حذر من ربّه في كلّ أحواله، وإن كان من أهل الاجتهاد في عبادته في أقصى غاية، إذ كان الصّدّيق مع موضعه في الدين؛ لم يسلم مما يحتاج إلى استغفار ربّه منه. انتهى «شرح الأذكار» .
(ولا يغفر) : من الغفر؛ وهو الستر (الذّنوب) : جمع ذنب؛ وهو: الجرم مثل فلس وفلوس، يقال أذنب يذنب، والذّنب: اسم مصدر، والإذناب:
مصدر؛ لكنه لا يستعمل، والمعنى أنه سأل أن يجعل بينه وبين الذنب ساترا.
(إلّا أنت) فيه إقرار بالوحدانيّة له تعالى، واستجلاب المغفرة، وهذا كقوله تعالى وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ [١٣٥/ آل عمران] .
وفي الآية الحثّ على الاستغفار، قيل: كلّ شيء أثنى الله على فاعله؛ فهو أمر به، وكلّ شيء ذمّ فاعله؛ فهو نهي عنه. انتهى «شرح الأذكار» .