للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنّك أنت الغفور الرّحيم» .

(فاغفر لي) قال بعضهم: هو أرجح في الاستغفار من قوله أستغفرك؛ لأنه إذا قال ذلك؛ ولم يكن متّصفا به كان كاذبا. وضعّف بأنّ السين فيه للطلب، فكأنه قال: أطلب مغفرتك، وليس المراد الإخبار، بل الإنشاء للطلب، فكأنه قال:

اغفر لي؛ لا سيما وقد ورد في الشرع صيغة «استغفر» أمرا وفعلا، فيتلقى ما جاء عن الشارع بالقبول. انتهى «شرح الأذكار» .

(مغفرة من عندك) معناه: هب لي المغفرة تفضّلا؛ وإن لم أكن أهلا له بعملي، كأنه قال: لا يفعل هذا إلا أنت، فافعله لي أنت.

قال الطّيبيّ: ودلّ التنكير في قوله «مغفرة» على أن المطلوب غفران عظيم لا يدرى كنهه، ووصفه بكونه «من عنده» سبحانه!! لأن الذي يكون من عنده لا يحيط به وصف، وتبعه الكرمانيّ.

وحاصله: أن طلب مغفرة خاصّة في غاية الجلالة والعظمة ترفعه إلى أعلى ما يليق به من مقامات القرب، ومن حضرة الحقّ، ولذا عقّبه بطلب الرحمة العامة الشاملة لكل ما يلائم النفس، حيث قال:

(وارحمني) ؛ أي: رحمة من عندك، وحذف!! اكتفاء بوصف قرينه به (إنّك أنت الغفور الرّحيم» ) بكسر همزة «إنّ» على الاستئناف البياني المشعر بتعليل ما قبله، ويجوز الفتح. و «أنت» لتأكيد الكاف، ويجوز أن يكون للفصل، والاسمان وصفان للمبالغة، وذكرا!! ختما للكلام على جهة المقابلة لما تقدّم، فالغفور لقوله «اغفر لي» والرحيم لقوله: «ارحمني» .

قال ابن حجر في «شرح المشكاة» : يؤخذ منه أنّ من أدب الدعاء أن يختم بما يناسبه من أسمائه تعالى؛ لما فيه من التفاؤل بحصول المطلوب، والتّوسّل بما يوجب تعجيل إجابته وحصول طلبته. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>