وكان صلّى الله عليه وسلّم يرى من خلفه من الصّفوف كما يرى من بين يديه.
وهي نائمة؛ فبكت، فقال:«أميطوا عنّا زيانبكم» !! لأنه حجب عن ذلك حينئذ، ليعلّم أنّه لا ينام أحد ببيت ذي الأهل؛ كذا قاله الزرقاني. وقال الشهاب الخفاجي في «شرح الشفاء» : لأنّ زينب رضي الله تعالى عنها كانت بنتا صغيرة مغطّاة بإزار ونحوه في جانب البيت، ومثلها قد لا يرى بالنهار أيضا. انتهى.
وهذا الحديث الذي أورده المصنّف ذكره في «المواهب اللدنّيّة» ؛ وقال:
رواه البخاري، وتبعه المصنّف في «الأنوار المحمدية» ، وتعقّبه الزّرقاني في «شرح المواهب» بأنه لم يجده في البخاري، وإنما عزاه السيوطي وغيره للبيهقي في «الدلائل» ؛ وقال: إنّه حسن. قال شارحه: ولعله لاعتضاده!! وإلّا!! فقد قال السهيلي: ليس بقويّ. وضعّفه ابن دحية؛ أي: نقل تضعيفه في كتاب «الآيات البينات» ؛ عن ابن بشكوال، لأن في سنده ضعفا؛ فكيف يكون في البخاري!!. ورواه البيهقي؛ عن عائشة بلفظ: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يرى في الظلمة كما يرى في الضوء. وبهذا اللفظ رواه ابن عديّ وبقيّ بن مخلد، وضعّفه ابن الجوزي والذّهبيّ، لكنه يعتضد بشواهده، فهو حسن؛ كما قال السيوطي. انتهى كلام الزرقاني، ونحوه في الشهاب الخفاجي على «الشفاء» .
(و) في «المواهب» و «شفاء» القاضي عياض؛ عن مجاهد بن جبر- فيما رواه عنه الحميدي «شيخ البخاري» ، والبيهقيّ، وابن المنذر مرسلا؛ في تفسير قوله تعالى (الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ (٢١٨) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ)
(٢١٩)[الشعراء]- قال:(كان) رسول الله (صلّى الله عليه وسلم يرى من) - بفتح الميم: موصول- أي: الذي (خلفه من الصّفوف كما يرى من) - بفتح الميم- أي: الذي (بين يديه) .
قال الشهاب الخفاجي والقسطلّاني في «المواهب» : وهذا الحديث رواه مالك والبخاريّ ومسلم؛ عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، لكن بلفظ: قال صلّى الله عليه وسلم:
«هل ترون قبلتي ههنا!!، فو الله ما يخفى عليّ ركوعكم ولا خشوعكم، وإنّي لأراكم من وراء ظهري» .