ولكن أبو بكر رضي الله تعالى عنه خضب بالحنّاء والكتم.
و (الكتم) : ...
قال القسطلّاني: وهو المراد هنا، وما ذكر في هذه الرواية «من أنّ البياض لم يكن إلا في صدغيه» ؛ مغاير لما في البخاري من «أنّ البياض كان في عنفقته؛ وهي ما بين الذّقن والشّفة» !! ولعل الحصر في هذه الرواية إضافي، فلا ينافي ما في البخاري.
وأما قول الحافظ ابن حجر: ووجه الجمع: ما في مسلم؛ عن أنس: كان في لحيته شعرات بيض، لم ير من الشيب إلا قليل، ولو شئت أن أعدّ شمطات كنّ في رأسه لفعلت، ولم يخضب؛ إنما كان البياض في عنفقته وفي الصّدغين وفي الرأس؛ نبذ متفرقة. انتهى.
فلم يظهر منه وجه الجمع كما قاله القسطلّاني في «شرح الشمائل» .
وقوله:«لم يخضب» قاله بحسب علمه، لما مرّ عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهم، (ولكن أبو بكر) الصدّيق (رضي الله تعالى عنه خضب) وجه الاستدراك: مناسبته له صلّى الله عليه وسلم وقربه منه سنّا (بالحنّاء) - بكسر المهملة وتشديد النون والمدّ ك «قثّاء» معروف- (والكتم) بفتحتين، والتاء المثناة مخففة-: نبت فيه حمرة، يخلط بالوسمة ويختضب به لأجل السواد، والوسمة كما في «المصباح» -: نبت يختضب بورقه.
ويشبه؛ كما في «النهاية» أن يكون معنى الحديث: أنه خضب بكل منهما منفردا عن الآخر، لأن الخضاب بهما معا يجعل الشعر أسود، وقد صحّ النهي عن السواد، فالمراد أنه خضب بالحنّاء تارة، وبالكتم تارة أخرى.
لكن قال القسطلاني: الكتم الصرف يوجب سوادا مائلا إلى الحمرة، والحنّاء الصرف يوجب الحمرة، فاستعمالهما معا يوجب بين السواد والحمرة. انتهى.
وعليه فلا مانع من الخضاب بهما معا، قال المصنف:(والكتم) - بفتح الكاف وفتح المثناة فوق مخففة، وأبو عبيدة معمر بن المثنى يشدّد التاء،