وقال النّوويّ: المختار أنّه صبغه في وقت، وتركه في معظم..
والمشهور التخفيف-: (نبت فيه حمرة) يخلط مع الوسمة للخضاب، وفي بعض كتب اللغة: هو ورق يشبه ورق الآس، يصبغ به، وفي كتب الطب: الكتم من نبات الجبال؛ ورقه كورق الآس؛ يخضب به مدقوقا، وله ثمر كقدر الفلفل، ويسودّ إذا نضج، ويعتصر منه دهن يستصبح به في البوادي، وقيل غير ذلك.
وقد اختلف العلماء؛ هل خضب عليه الصلاة والسلام أم لا؟ ومثار الخلاف اختلاف الرواية في ذلك، فأثبته ابن عمر وأبو هريرة وأبو رمثة؛ قال:«أتيت النبيّ صلّى الله عليه وسلم وعليه بردان أخضران، وله شعر قد علاه الشيب، وشيبه أحمر مخضوب بالحنّاء» . رواه الحاكم وأصحاب «السنن» ، وأنكره أنس كما تقدّم عنه.
وقال القاضي عياض: منعه الأكثرون لحديث أنس، وهو مذهب مالك؛ فوافق أنسا على الإنكار، وتأوّل حديث ابن عمر بحمله على الثياب؛ لا الشعر، وأحاديث غيره إن صحّت على أنّ تلوّنه من الطيب؛ لا من الصبغ، لما في البخاري وغيره. قال ربيعة: فرأيت شعرا من شعره صلّى الله عليه وسلم؛ فإذا هو أحمر، فسألت فقيل:
احمرّ من الطيب.
قال الحافظ ابن حجر: لم أعرف المسؤول المجيب بذلك!! إلا أنّ الحاكم روى أنّ عمر بن عبد العزيز قال لأنس: هل خضب النبي صلّى الله عليه وسلم فإني رأيت شعرا من شعره قد لوّن؟ فقال: إنما هذا الذي لوّن من الطيب الذي كان يطيّب به شعره فهو الذي غيّر لونه، فيحتمل أن يكون ربيعة سأل أنسا عن ذلك فأجابه، ووقع في «رجال مالك» للدارقطني و «الغرائب» له عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال:
لما مات رسول الله صلّى الله عليه وسلم خضب من كان عنده شيء من شعره ليكون أبقى له- كما مر- فإن ثبت هذا! استقام إنكار أنس، ويقبل ما أثبته سواه من التأويل. انتهى.
(وقال) الإمام محيي الدين (النّوويّ) رحمه الله تعالى: (المختار أنّه صبغه) أي: الشعر- حقيقة، لأن التأويل خلاف الأصل (في وقت وتركه في معظم