الأوقات، فأخبر كلّ بما رأى، وهو صادق.
الأوقات، فأخبر كلّ بما رأى؛ وهو صادق.) قال: وهذا التأويل كالمتعيّن؛ لحديث ابن عمر في «الصحيحين» - أي المتقدم قريبا-: أنه رأى النبي صلّى الله عليه وسلم يصبغ بالصفرة، قال: ولا يمكن تركه لصحته، ولا تأويل له. انتهى كلام النووي.
قال الزرقاني: وفيه نظر؛ إذ هو في نفسه محتمل للثياب والشعر، ثم قد ورد ما يعيّن الأول؛ وهو ما في «سنن أبي داود» ؛ عن ابن عمر نفسه: كان يصبغ صلّى الله عليه وسلم بالورس والزعفران حتى عمامته، ولذا رجّحه عياض. انتهى كلام الزرقاني.
قال المناوي في «شرح الشمائل» بعد ذكر كلام النووي: وللمخالف أن يقول: تركه في معظم الأوقات وفعله على الندور؛ فيه شعور بأنه إنما فعله أحيانا بيانا للجواز؛ فقصاراه الإباحة، فدلالته على السّنّيّة من أين!؟ انتهى.
أما الإمام العلّامة الحافظ عبد الرحمن بن علي الدّيبع اليمني الزبيدي رحمه الله تعالى، فقد وافق القاضي عياضا على الإنكار، ولمّا بلغه عن بعض فضلاء عصره أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يخضب لحيته أنكر ذلك عليه، وكتب هذه الأبيات:
والله ما وقّر المختار من مضر ... من ادّعى أنّه للشّيب قد خضبا
لم يبلغ الخضب فيما قاله أنس ... وهو الخبير به من دون من صحبا
إذ كان خادمه دهرا يلازمه ... ليلا وصبحا مقيما عنده حقبا
قالوا له: احمرّ منه الشّعر؟ قال: نعم ... من كثرة الطّيب تلك الحمرة اكتسبا
ما شاب شيبا إلى فعل الخضاب دعا ... بل كان يدخل تحت الحصر لو حسبا
إذا تدهّن وارى الدّهن ذاك فلم ... يرى له أثرا من رام أو طلبا
ومن يقل «قد أرتني أمّ سلمة مخ ... ضوبا من الشّعر» أي من طيبه انخضبا
إذ لم يقل إنّها قالت له خضب ال ... نّبيّ هذا مقالي الحقّ قد وجبا
ومن روى صبغه بالصّفرة اعتبروا ... ما قال في ثوبه أو نعله أدبا
لا في الشّعور وقس ما قيل فيه على ... ما قيل إنّ رسول الله قد كتبا