للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا سرور رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

فقد كان صلّى الله عليه وسلّم إذا سرّ.. استنار وجهه كأنّه القمر.

وكان صلّى الله عليه وسلّم إذا سرّ.. فكأنّ وجهه المرآة، وكأنّ الجدر يرى شخصها فيه.

(وأمّا سرور رسول الله صلّى الله عليه وسلم) ؛ أي: فرحه بشيء!! (فقد) روى البخاريّ ومسلم؛ من حديث كعب بن مالك رضي الله تعالى عنه قال:

(كان) رسول الله (صلّى الله عليه وسلم إذا سرّ استنار وجهه) ؛ أي: أضاء ورئي فيه البشر (كأنّه) أي: الموضع الذي يتبين فيه السرور وهو جبينه (القمر) ؛ في الإشراق والاستنارة، ورواية «الصحيحين» : قطعة قمر.

وكأنّ المصنّف حذف لفظة «القطعة» جريا على عادة البلغاء من تشبيه الوجه بالقمر بغير تقييد بقطعة. وكعب بن مالك قائل هذا من شعراء الصحابة الفصحاء البلغاء، فلا يعدل عن المتعارف بينهم إلّا لسبب، فلا بدّ للتقييد بذلك من حكمة.

ووجه العدول؛- كما قال البلقيني-: أنّ القمر فيه قطعة يظهر فيها سواد؛ وهو المسمى بالكلف، فلو شبّه بالمجموع لدخلت هذه القطعة في المشبّه به، وغرضه إنما هو التشبيه على أكمل الوجوه، فلذا قال: كأنه «قطعة قمر» يريد القطعة الساطعة الإشراق الخالية من شوائب الكدر. انتهى.

(و) في «المواهب اللدنية» ؛ نقلا عن «النهاية» لابن الأثير:

(كان) رسول الله (صلّى الله عليه وسلم إذا سرّ فكأنّ) - بتشديد النون- (وجهه المرآة) التي ترى فيها صور الأشياء، وهي ممدودة على وزن: مفتاح، جمعها مراء؛ على وزن جوار وغواش؛ كما في «المصباح» .

(وكأنّ) - بتشديد النون- (الجدر) - بضمتين جمع جدار-؛ وهو الحائط تلاحك وجهه، والملاحكة: شدّة الملاءمة؛ أي (يرى شخصها) - أي: الجدر- (فيه) أي: في وجهه صلّى الله عليه وسلم لشدّة ضيائه وصفائه، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>