وإنما خصّ التشبيه بحال التبسم والسرور، وشبه ذلك بالبرق دون ما هو أضوأ منه؛ كالشمس والبدر!! إشارة إلى أنه لا يدوم ضحكه وانفتاح فمه، لأنّ كثرة الضحك غير محمودة، ولم يكن ذلك من دأبه صلّى الله عليه وسلم، ولأنّ تبسّمه لمخاطبه يعقبه نفع، وخير من عطائه وكلامه ورضاه، كما يعقب البرق المطر والرحمة العامّة.
وهذا رواه البيهقي مسندا؛ من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها.
(و) يفترّ (عن مثل حبّ الغمام) في بياضه ونقائه وصفائه.
والغمام: هو السحاب، وحبّه: البرد- بفتحتين- الذي يشبه اللؤلؤ، والمعنى أنّه يضحك ضحكا حسنا كاشفا عن مثل حبّ الغمام في البياض والصفا والبريق واللمعان.
وورد في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه المارّ: أنّه صلّى الله عليه وسلم كان إذا ضحك يتلألأ في الجدر، أي: يشرق عليها إشراقا كإشراق الشمس.
قال ملّا علي قاري في «شرح الشفاء» : والتشبيه الثاني أولى من الأوّل. انتهى.
وهذا رواه الترمذي في «الشمائل» والدارميّ، والبيهقي؛ من حديث هند بن أبي هالة وعائشة رضي الله تعالى عنهما.
(و) أخرج الترمذيّ في «الشمائل» ، والقاضي عياض في «الشفاء» ؛ من طريق الترمذي؛ عن هند بن أبي هالة رضي الله تعالى عنه قال:
(كان) رسول الله (صلّى الله عليه وسلم) متواصل الأحزان. وساق الحديث إلى أن قال:
(جلّ) - بضم الجيم وتشديد اللام؛ أي: معظم- (ضحكه) وأكثره (التّبسّم) . وهو: بشاشة الوجه من غير تأثر تامّ في هيئة الفم، وقال:«جلّ» !! لأنّه ربما ضحك حتّى بدت نواجذه. كما سيأتي الكلام على ذلك، وهذا لا ينافي ما رواه البخاري في «الأدب» ، وابن ماجه في «سننه» : «لا تكثر الضّحك فإنّ كثرة الضّحك تميت القلب» .