وعن عبد الله بن الحارث أيضا قال: ما ضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلّا تبسّما.
وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يحدّث حديثا إلّا تبسّم.
وكان ضحك أصحابه صلّى الله عليه وسلّم عنده التّبسّم من غير صوت، اقتداء به، وتوقيرا له، وكانوا إذا جلسوا عنده.. كأنّما على رؤوسهم الطّير.
قال في «الكشاف» : وكذلك ضحك الأنبياء لم يكن إلّا تبسّما. انتهى، وعليه فهو من خواصّه على الأمم؛ دون الأنبياء، انتهى «زرقاني» .
(و) أخرج الترمذيّ في «الشمائل» - وقال: غريب من حديث الليث بن سعد- (عن عبد الله بن الحارث) بن جزء (أيضا) رضي الله تعالى عنه (قال:
ما ضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلّا تبسّما) . هذا الحصر إضافيّ؛ أي: بالنسبة للغالب، لما تقرّر أنّه صلّى الله عليه وسلم ضحك أحيانا حتّى بدت نواجذه، إلّا أن يحمل على المبالغة.
(و) أخرج الإمام أحمد في «مسنده» ؛ عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال:(كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم لا يحدّث حديثا) - يناسبه التبسّم، وفي رواية:
«بحديث» - (إلّا تبسّم) ؛ أي: ضحك قليلا بلا صوت.
(و) في «كشف الغمة» للعارف الشعراني رحمه الله تعالى: (كان ضحك أصحابه صلّى الله عليه وسلم عنده) ؛ أي: في حضرته (التّبسّم) لا غير. أي:(من غير صوت؛ اقتداءا به) في كيفية ضحكه وهيئته، (وتوقيرا له) ؛ أي: تعظيما لحرمته.
(وكانوا إذا جلسوا عنده) ، رواية الترمذي في «الشمائل» : إذا تكلّم أطرق جلساؤه (كأنّما) بزيادة «ما» الكافّة (على رؤوسهم الطّير) في السكوت والسكون؛ مهابة له وإجلالا، لشهودهم عليّ شأنه وكمال مرتبته، وتخلّقهم بأخلاقه، لا لسوء خلق فيه، حاشاه الله من ذلك.
وفي التشبيه تنبيه على المبالغة في وصفهم بالسكوت والسكينة وعدم الخفّة،