وآخر رجل يخرج من النّار، يؤتى بالرّجل يوم القيامة فيقال:
اعرضوا عليه صغار ذنوبه، ويخبأ عنه كبارها، فيقال له: عملت يوم كذا.. كذا وكذا، وهو مقرّ لا ينكر، وهو مشفق من كبارها، نسخة من «الشمائل» : إني لأعلم آخر رجل يدخل الجنة- (وآخر رجل يخرج من النّار) - ولم يذكر أوّل رجل يدخل النار، لأنّ كلامه فيمن يدخل الجنة.
وإنما ذكر آخر رجل يخرج من النار!! لأنه آخر رجل يدخل الجنة، ولذا اقتصر عليه في أصحّ النسخ، وزاد علمه ليزيد وثوقا فيما أخبر به. فليس قوله (يؤتى بالرّجل يوم القيامة) تفصيلا لأول رجل يدخل الجنة كما وهم، بل هو استئناف لبيان حال رجل آخر، فلا تعلّق له بما قبله، إذ أوّل داخل هو المصطفى صلّى الله عليه وسلم؛ ولا ذنب له، وفي بعض النسخ:«ويؤتى بالرّجل يوم القيامة» ، بالواو التي للاستئناف.
(فيقال) ؛ أي: يقول الله للملائكة: (اعرضوا) - بهمزة وصل وكسر راء؛ أمر من العرض- (عليه) ؛ أي: على الرجل (صغار ذنوبه) - بكسر الصاد؛ أي:
صغائر ذنوبه، أي: أظهروها له في صحيفته، أو بصورها، وفيه دليل على أنّ الصغيرة ذنب، وأنّ من الذنوب صغائر وكبائر- (ويخبأ) - بصيغة المجهول؛ من الخبء بالهمز. أي: يخفى- (عنه) - أي: الرجل- (كبارها) أي: كبائر ذنوبه للحكمة الآتية، أي: والحال أنّه يخبأ عنه كبارها، فالجملة حالية، ويحتمل أن تكون معطوفة على «اعرضوا» ؛ فتكون أمرا في المعنى، فكأنّه قيل: اعرضوا عليه صغار ذنوبه، واخبئوا عنه كبارها، أي: كبائر ذنوبه.
(فيقال له: عملت) ؛ أي: من القول والفعل (يوم كذا) ؛ أي: الوقت الفلاني من السّنة والشهر والأسبوع واليوم والساعة (كذا وكذا) ؛ أي: عددا من الذنوب، ف «كذا وكذا» كناية عن العدد المشتمل على عطف، (وهو مقرّ لا ينكر) ؛ أي: فيتذكّر ذلك ويصدّقه هنالك، (وهو مشفق) ؛ من الإشفاق؛ وهو الخوف، والجملة حال؛ أي: والحال أنّه خائف (من كبارها) ؛ أي: من كبار ذنوبه، أي: من المؤاخذة بها، فإنّ من يؤاخذ بالصغيرة فبالأولى أن يعاقب بالكبيرة.