أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبّل عثمان بن مظعون، وهو ميّت، وهو يبكي.
(أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قبّل) - بتشديد الباء- (عثمان) في وجهه، أو بين عينيه (بن مظعون) - بالظاء المعجمة-، وكان أخاه من الرضاع،
وهو قرشيّ أسلم بعد ثلاثة عشر رجلا، وهاجر الهجرتين، وشهد بدرا، وكان حرّم الخمر في الجاهلية، وهو أوّل من مات من المهاجرين بالمدينة؛ في شعبان على رأس ثلاثين شهرا من الهجرة، وكان عالما عابدا مجتهدا من فضلاء الصحابة، ودفن بالبقيع، ولما دفن قال صلّى الله عليه وسلم:«نعم السّلف هو لنا» .
وقوله (وهو ميّت) جملة حالية؛ أي: والحال أن عثمان ميّت، وفيه ندب تقبيل الميت الصالح.
قال ابن حجر الهيتمي في «فتح الإله شرح المشكاة» : حكم المسألة إن كان الميت صالحا سنّ لكلّ أحد تقبيل وجهه التماسا لبركته، واتباعا لفعله صلّى الله عليه وسلم في عثمان بن مظعون- كما سيأتي-
وإن كان غير صالح؟ جاز ذلك بلا كراهة لنحو أهله وأصدقائه، لأنّه ربّما كان مخففا لما وجده من ألم فقده، ومع الكراهة لغير أهل الميت، إذ قد لا يرضى به؛ لو كان حيا من غير قريبه وصديقه، ومحلّ ذلك كلّه ما لم يحمل التقبيل فاعله على جزع؛ أو سخط كما هو الغالب من أحوال النساء، وإلّا حرم؛ أو كره. ذكره في «شرح الأذكار» . انتهى.
(وهو) - أي: والحال أن النبي صلّى الله عليه وسلم- (يبكي) ؛ أي: حتى سالت دموع النبي صلّى الله عليه وسلم على وجه عثمان؛ كما في «المشكاة» .
قال في «جمع الوسائل» : وأخرج ابن سعد في «الطبقات» ؛ عن سفيان الثوري؛ عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قبّل عثمان بن مظعون وهو ميت، قال: فرأيت دموع النبي صلّى الله عليه وسلم تسيل على خدّ عثمان.