وعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: شهدنا ابنة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ورسول الله جالس على القبر، فرأيت عينيه تدمعان.
وعن عائشة رضي الله عنها: ...
(و) فيما أخرجه البخاريّ في «صحيحه» ، والترمذي في «الشمائل» واللفظ له: (عن أنس بن مالك) خادم رسول الله صلّى الله عليه وسلم عشر سنين- تقدّمت ترجمته- (رضي الله تعالى عنه قال:
شهدنا) - أي: حضرنا- (ابنة لرسول الله صلّى الله عليه وسلم) هي: أمّ كلثوم، ووهم من قال (رقية) ، فإنّها ماتت ودفنت ورسول الله صلّى الله عليه وسلم في غزوة بدر.
ولما عزّي صلّى الله عليه وسلم برقيّة قال:«الحمد لله، دفن البنات من المكرمات» . ثم زوّج عثمان «أمّ كلثوم» هذه، وقال:«والّذي نفسي بيده؛ لو أنّ عندي مائة بنت لزوّجتكهنّ واحدة بعد واحدة» .
(ورسول الله) - أي: والحال أن رسول الله- (جالس على القبر) أي: على طرفه (فرأيت عينيه تدمعان) - بفتح الميم- أي: تسيل دموعهما، وتمام الحديث؛ فقال:«أفيكم رجل لم يقارف اللّيلة» ؟! قال أبو طلحة: أنا، قال:
«انزل» فنزل في قبرها. انتهى ... الحديث.
ومعنى «لم يقارف» ؛ أي: لم يجامع تلك الليلة، فالمقارفة كناية عن الجماع، وأصلها الدنوّ واللّصوق، وفي رواية:«لا يدخل القبر أحد قارف البارحة» ، فتنحّى عثمان لكونه كان باشر تلك الليلة أمة له، فمنعه رسول الله صلّى الله عليه وسلم من نزول قبرها؛ معاتبة له لاشتغاله عن زوجته المحتضرة، وأيضا فحديث العهد بالجماع قد يتذكّر ذلك فيذهل عما يطلب من أحكام الإلحاد وإحسانه.
(و) فيما أخرجه أبو داود، وابن ماجه، والترمذي في «الجامع» وفي «الشمائل» باختلاف في الألفاظ- وهذا لفظ «الشمائل» -: (عن عائشة) بنت أبي بكر الصّديقة بنت الصّديق- تقدّمت ترجمتها- (رضي الله) تعالى (عنها) وعن والدها، وعن أصحاب رسول الله أجمعين، وجمعنا بهم في مستقرّ رحمته. آمين.