وقد ورد: أنّه صلّى الله عليه وسلم كان لا يراجع بعد ثلاث؛ وفيه ردّ على من كره إعادة الحديث، وأنكر على الطّالب الاستعادة، وعدّه من البلادة.
قال ابن المنيّر: والحقّ أنّه يختلف باختلاف القرائح، فلا عيب على المستفيد الذي لا يحفظ من مرة إذا استعاد، ولا عذر للمفيد إذا لم يعد، بل الإعادة عليه آكد من الابتداء، لأنّ الشّروع ملزم. انتهى «زرقاني» .
(و) أخرج الإمام أحمد في «مسنده» بإسناد صحيح؛ من حديث سماك؛ عن جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنهما. قال سماك: قلت لجابر: أكنت تجالس النّبيّ صلّى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، و (كان) ؛ أي: رسول الله (صلّى الله عليه وسلم طويل الصّمت) ، في غير أوقات الذّكر، فالمراد الصّمت عمّا لا ثواب فيه، وذلك لأنّ كثرة السّكوت من أقوى أسباب التوقير، وهو من الحكمة وداعية للسّلامة من اللّغط، ولهذا قيل: من قلّ كلامه قلّ لغطه. وهو أجمع للفكر. انتهى.
وتمام الحديث بعد قوله «طويل الصّمت» : قليل الضّحك. انتهى «مناوي» .
(و) في «الشّفاء» للقاضي عياض: (كان) رسول الله (صلّى الله عليه وسلم كثير السّكوت) لتفكّره في مشاهدة الملكوت وتذكّره مطالعة الجبروت.
وكان سكوته على أربع: على الحلم والحذر والتّقدير والتفكّر.
فأمّا تقديره ففي تسوية النّظر، والاستماع بين النّاس، وأمّا تفكّره ففيما يبقى ويفنى، وجمع له الحلم في الصّبر؛ فكان لا يغضبه شيء يستفزّه، وجمع له في الحذر أخذه بالحسن ليقتدى به، وتركه القبيح لينتهى عنه، واجتهاد الرأي بما أصلح أمّته، والقيام لهم بما جمع لهم أمر الدّنيا والآخرة؛ ذكره في «الشفاء» للقاضي عياض.
وهذا الحديث رواه التّرمذي في «الشمائل» ؛ من حديث هند بن أبي هالة