- بالتاء الفوقيّة- بمعنى: أهدت إليه صلّى الله عليه وسلم- (جماعة من ملوك الأقاليم) هدايا فقبلها منهم، والأقاليم جمع إقليم كقنديل، وذلك لأن المتقدمين قسموا الأرض سبعة أقسام، سمّوا كل قسم منها إقليما، كما يعلم من فن مساحة الأرض المسمّى جغرافيا، وحد كل إقليم وما فيه من البلدان مفصّل في كتب الهيئة والمساحة.
وقيل: أراد بالأقاليم النّواحي والبلدان، وإن كانت من إقليم واحد أو إقليمين من السّبعة بطريق المجاز، وهو بهذا المعنى مستعمل أيضا، كما يقال: أقاليم مصر فسمّوا كلّ ناحية إقليما.
والهديّة: ما يبعث بلا عوض إلى المهدى إليه إكراما.
وممن هاداه- صلّى الله عليه وسلم- المقوقس ملك القبط، أهدى له جاريتين وكسوة وبغلة بيضاء وهي دلدل.
وهاداه فروة بن عمرو الجذاميّ «عامل قيصر» ، بعد ما تبرع بالإسلام، وأهدى له بغلة بيضاء تسمّى فضة، وفرسا وأثوابا وقباء من سندس، ولما بلغ ذلك قيصر حبسه مدّة طويلة، ثم أرسل يقول له: ارجع لدينك أطلقك وأعيد لك ملكك.
فأبى؛ وقال: لا أفارق دينه، وإنّك لتعلم أنّه حقّ، ولكن ضننت بملكك، فقال:
صدق والإنجيل.
ومنهم أكيدر دومة؛ كما في «البخاري» .
وأما هدايا غير الملوك التي كانت تصل مع الوفود! فكثيرة لا تحصى كما يعلم من السّير، وأهدى له الرّهبان أيضا كراهب نجران.
ولا منافاة بين قبوله هديّة من لم يسلم منهم كالمقوقس، وردّه بعض هدايا المشركين؛ وقوله:«إنا لا نقبل زيد المشركين» - أي عطيّتهم!! لأنه كان يقبل الهديّة ممّن يرجو إسلامه استئلافا له؛ لما فيه من المصلحة للمسلمين، ويردّ هديّة غيره.