للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واقتصر من نفقته وملبسه ومسكنه على ما تدعوه إليه ضرورته، وزهد فيما سواه.

فكان يلبس ما وجده، فيلبس في الغالب الشّملة، ...

ومنه علم جواز معاملة الكفّار؛ مع أن كسبهم لا يخلو من خبث، وجواز الرّهن على الثمن المؤجّل، وقيل: إنّه افتكها قبل وفاته، لكن الأصحّ خلافه، لصريح حديث ابن عباس: توفّي رسول الله صلّى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهوديّ.

ولا ينافي ذلك خبر: «نفس المؤمن معلّقة بدينه حتّى يقضى عنه» !! لأنه محمول على غير الأنبياء.

وكان له صلّى الله عليه وسلم عدّة أدراع: «ذات الفضول» . سميت بها! لطولها، أهداها له سعد بن عبادة رضي الله عنه لمّا خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم لبدر، وذات الحواشي، ودرعان أصابهما من بني قينقاع «السّعديّة» و «فضّة» ، ويقال: إنّ السّعدية كانت درع داود عليه الصلاة والسلام التي لبسها لقتال جالوت، و «البتر» ، و «الحريق» . فهذه سبع.

(واقتصر من نفقته وملبسه ومسكنه) - بفتح الكاف وكسرها- أي: من أجلها أو في حقّها (على ما تدعوه إليه ضرورته) ، أي: على مقدار قليل لا بدّ له منه، ممّا تقتضيه الحاجة الضّرورية إليه.

(وزهد) - بكسر الهاء بصيغة الماضي، معطوف على «اقتصر» أي: لم يرغب (فيما سواه) ، أي: ما سوى مقدار الضّرورة.

(فكان يلبس) - بفتح الياء المثنّاة وفتح الباء الموحّدة- (ما وجده) حاضرا عنده بلا تكلّف، (فيلبس في الغالب الشّملة) - بفتح المعجمة وسكون الميم- وما يشتمل به من الأكسية الّتي يلتحف بها كما في «الفتح» . وقيل: يختصّ بما له هدب. وقال ابن دريد: كساء يؤتزر به وهي البردة، وتسمية العوامّ ما يلفّ على الرّأس «شملة» اصطلاح حادث.

<<  <  ج: ص:  >  >>