للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأتته دنانير مرّة، فقسمها، وبقيت منها بقيّة، فدفعها لبعض نسائه، فلم يأخذه نوم حتّى قام وقسمها، وقال: «الآن استرحت» .

ومات ودرعه مرهونة في نفقة عياله، ...

والنّون، وإرصاده للدّين!! إمّا لأنّ صاحبه غائب، أو لأنّه لم يحلّ أجله. وفيه دليل على جواز الاستقراض، وأنّه لا ينبغي أن يكون المرء مستغرقا في الدين حتى لا يجد له وفاء.

(وأتته دنانير مرّة) وهي كثيرة (فقسمها) ، أي: على من استحقّها، (وبقيت منها بقيّة) ؛ أي: قليلة يسيرة، - وفي نسخة من «الشّفا» : «ستّة» - (فدفعها لبعض نسائه) نظرا إلى حدوث حاجة لهنّ إليها- وفي رواية: «فرفعها بعض نسائه» بالراء- وهو إمّا بأمره، وإما على عادة النّساء في حفظ المال لأمر المعاش وغيره.

(فلم يأخذه نوم حتّى قام وقسمها) ؛ اتكالا على كرم ربّه عند الاحتياج إليها، (وقال: «الآن استرحت» ) أي: حصل الرّاحة لقلبي المعتمد على رزق ربّي.

وفيه دلالة واضحة على ما كان عليه من التقلّل من الدّنيا، وملازمة الفاقة في أيّام حياته إلى أوان مماته، كما يدل عليه ما بعده، وإنّما لم يأخذه النّوم حتى قسمها!! لخوفه أن يفجأه الأجل قبل تفريقها، فانظر هذا مع أنه غفر له صلّى الله عليه وسلم ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر بعد ما عصمه الله تعالى، انظره مع أشقياء هذا الزّمان، وصرفهم بيت المال في هوى أنفسهم، قاتلهم الله أنّى يؤفكون. انتهى «شرح الشهاب الخفاجي» .

(ومات ودرعه) - مؤنّثة- وهي الزردته (مرهونة) ، أي: عند يهوديّ وهو أبو الشّحم. قال ابن الجوزي: إنّ الّتي رهنها صلّى الله عليه وسلم هي «ذات الفضول» (في نفقة عياله) ، جمع عيل، وهو: من تلزمه نفقته، وكانت مرهونة إلى سنة في ثلاثين صاعا من شعير على ما في «البخاريّ» و «الترمذي» و «النّسائي» ، وفي «البزّار» : أربعين. وفي «مصنف عبد الرزاق» : وسق شعير وهو ستّون صاعا.

ويمكن الجمع بتعدّد الواقعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>